القاهرة | وضعت مصر، بالتنسيق مع دول عربية معنيّة بالملف الفلسطيني، تصوّرات لليوم الذي يلي وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما يُطمئن الإدارة الأميركية القلقة من غياب التوافق حول مستقبل القطاع، ويزيح مقترحات إشراك القاهرة في إدارته، وينفي احتمالات تنفيذ سيناريوات أخرى من مثل نشر قوات دولية في غزة، تخشى مصر أن تشمل أطرافاً ليست على وفاق معها. وفيما ترفض كلّ من واشنطن وتل أبيب أيّ تفاوض مع حركتَي «حماس» و»الجهاد»، باعتبارهما «فصيلَين إرهابيَّيْن»، تتمسّك القاهرة بكون الحركتَين «فصيلَين فلسطينيَّيْن» مصيرهما في يد الشعب الفلسطيني، وليس أيّ جهة أخرى، علماً أن البحث في هذه النقطة تأجّل إلى مرحلة لاحقة من التفاوض، في ظلّ تأكيد إسرائيل وضعها جميع القادة الرئيسيّين في «حماس» على لائحة استهدافاتها، حتى وإنْ جرى التوصّل إلى تهدئة.وإذ ترى مصر أن ما يجري من تهديد ووعيد، لا يخدم مسارات التهدئة، فهي عرضت مخطّطاً متكاملاً على الإدارة الأميركية حول مستقبل القطاع، مقترحةً إدارته من جانب السلطة الفلسطينية بموجب آليات واضحة ومحدّدة تضمَن «عدم تكرار ما حدث»، إلى جانب تبديد مخاوف إعادة بناء ترسانة السلاح الخاصة بحركة «حماس». وعلى رغم أن «المخطّط» المذكور لم يتطرّق إلى تفاصيل الأنفاق التي تقول إسرائيل إنها تسعى لفهمها من أجل تدميرها، إلّا أن الجانب الرئيسيّ الذي يعالجه، هو الوقف الفوري المؤقّت غير المشروط لإطلاق النار، في مقابل إطلاق سراح عدد من الرهائن، يراوح بين 10 و20 شخصاً كدفعة أولى، في إطار هدنة تمتدّ لثلاثة أيام على الأقلّ، وتُمدَّد بعدها للإفراج عن عدد آخر من هؤلاء، فيما يظلّ إطلاق سراح العسكريين الأسرى مرهوناً بصفقة للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، وهو ما بات يلقى، راهناً، نوعاً من القبول في إسرائيل، على رغم التحفّظات السابقة. وتضمن هذه الصيغة لجميع الأطراف تهدئة مرضية، إذ ستكون لدى إسرائيل مجموعة من «الرهائن المدنيين» المُفرج عنهم، فيما سيتمّ إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة، إلى جانب إقامة مستشفيات ميدانية، وإدخال كميات كبيرة من الأدوية وسيارات الإسعاف.
مقترح الهدنة الأولية التي سيتمّ العمل على تجديدها أولاً بأول، يواجه مراوغة إسرائيلية


لكن مقترح الهدنة الأولية التي سيتمّ العمل على تجديدها أولاً بأول، يواجه مراوغة إسرائيلية بسبب قلق بنيامين نتنياهو من تداعيات هذه الخطوة على استقرار حكومته، وإمكانية حدوث اضطرابات سياسية، في وقت تسود فيه مخاوف لدى بعض الأطراف العربية من قيام إسرائيل بتنفيذ هجمات عنيفة قبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ. ويتضمّن السيناريو المصري المعروض على واشنطن، إجراء ترتيبات أمنية خاصّة في غزة، في إطار إعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، مع ضمان مصر تحقّق وحدة فلسطينية في هذا الشأن، من خلال مسار مفاوضات فلسطيني - فلسطيني يسير جنباً إلى جنب المسار التفاوضي السياسي لـ»حلّ الدولتين»، والذي لن تكون «حماس» و»الجهاد» شريكتيْن فيه في البداية. وينصّ المقترح المصري على إجراء انتخابات في كامل الأراضي الفلسطينية، ودعم «حلّ الدولتين» الذي تغري القاهرة واشنطن بأنه سيسهم في تسريع وتيرة مفاوضات التطبيع السعودي - الإسرائيلي. وما جرى حسمه إلى الآن، يتمثّل في الإجماع العربي على رفض لعب دور في قطاع غزة يومَ تنتهي الحرب، وهو ما أكّده وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، مساء أمس، بالقول: «إننا نرفض أيّ حديث عن إدارة غزة ما بعد الحرب عبر قوات عربية أو غير عربية»، معتبراً أن «ما يُطرح من سيناريوات لما بعد الحرب على غزة غير واقعي ومرفوض ولا يتعامل معه الأردن».