الحسكة | أنهت فصائل المقاومة شهراً كاملاً من التصعيد ضدّ القواعد الأميركية في سوريا والعراق، مواصلةً استهداف تلك القواعد بالطائرات المسيّرة والقذائف الصاروخية، وذلك منذ صدور البيان الأول لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»، والذي اعتبرت فيه الوجود الأميركي في البلدين هدفاً مشروعاً لها، إلى حين وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. واستهدفت المقاومة لنحو 65 مرّة القواعد الأميركية في كلٍّ من سوريا والعراق، مع تركيز هجماتها في سوريا بشكل أكبر، من خلال استهداف معاقل واشنطن لنحو 40 مرة، وإيقاع إصابات وخسائر مادّية فيها. في المقابل، حاولت الولايات المتحدة الحدّ من هذه العمليات أو منعها، منفّذةً ثلاثة اعتداءات على مناطق في محافظة دير الزور وعلى الحدود السورية - العراقية، لردع المقاومة وإرغامها على وقف هجماتها. كما نفّذ العدو الإسرائيلي هجوماً على معبر البوكمال - القائم، مستهدفاً قافلة مواد غذائية، إلى جانب مواقع أخرى على الحدود بين البلدَين.إلا أن تلك الاعتداءات ارتدّت على الاحتلال الأميركي، من خلال مضاعفة المقاومة هجماتها، وخاصّة بعد القصف الأميركي الأخير الأسبوع الفائت، والذي طاول حيّ الحسرات في الميادين، وبادية السيال في ريف البوكمال. إذ ردّت المقاومة على ذلك بمهاجمة القواعد الأميركية في كلٍّ من حقل «العمر» في ريف دير الزور الشرقي، ومعمل غاز «كونيكو» في الريف الشمالي لدير الزور، ومطار خراب الجير شمال الحسكة، وتل بيدر غربها، لثماني مرات، وسط تأكيد وقوع إصابات وخسائر مادية. هكذا، أظهرت المقاومة جاهزية للتصعيد بشكل أكبر ضدّ الأميركيين، مع كلّ اعتداء يطاول قواتها في المنطقة، إلى جانب القدرة على اتّباع تكتيكات إضافية في الجو والأرض، من خلال تطوير أساليب الاستهداف الجوي، أو تحويل الدوريات الأميركية إلى هدف لعبواتها وقذائفها. وبحسب مراقبين، تريد المقاومة تثبيت قاعدة اشتباك عنوانها أن أيّ تصعيد من الأميركيين، سيقابله تصعيد أكبر ضدّهم في سوريا والعراق.
ومع مرور الشهر الأول منذ تكثيف الهجمات، أقرّت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بأن «58 هجوماً استهدفت القوات الأميركية من قِبل وكلاء إيران في العراق وسوريا، منذ الـ 17 من تشرين الأول الماضي وحتى أول من أمس الخميس». وقالت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، خلال مؤتمر صحافي، إن «27 من الهجمات وقعت في العراق، بينما وقعت 31 أخرى في سوريا»، مبيّنة أن «7 من الهجمات وقعت في سوريا منذ يوم الأحد الفائت». وإذ قالت إنه «يبدو كما لو أن معدل الهجمات على القوات الأميركية لا يتباطأ»، أشارت إلى «(أننا) قمنا بالرّد، وإذا وقع المزيد من الهجمات، فسنردّ بالتأكيد في الوقت والمكان الذي نختاره». وما يُلحظ في استراتيجية الولايات المتحدة في مواجهة هجمات المقاومة، هي استهدافها مواقع للقوات الرديفة والحليفة للجيش السوري، مع تجنبها تنفيذ هجمات في العراق، لاعتبارات تتعلّق بوجودها العسكري هناك. والظاهر أن واشنطن لا تريد التصعيد بشكلٍ واضحٍ ومباشر ضدَّ الحشد الشعبي و«المقاومة الإسلامية في العراق» تحديداً، لإدراكها أن استهدافات كهذه ستؤدي إلى التحوّل إلى الاشتباك المباشر معها، وهو ما سيحوّل التحركات العسكرية الأميركية البرّية في العراق إلى هدف مباشر للمقاومين.
تتواصل هجمات مقاتلي العشائر ضدّ «قسد» على بعد كيلومترات قليلة من قاعدتَي الاحتلال الأميركي في سوريا


على خطّ موازٍ، تتواصل هجمات مقاتلي العشائر ضدّ «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، على بعد كيلومترات قليلة من قاعدتَي الاحتلال الأميركي في كلّ من حقلَي «العمر» و«كونيكو». وشنَّ مقاتلو العشائر، أمس، هجمات متزامنة على مواقع ونقاط لـ«قسد» في بلدات الجرذي والشحيل وذيبان، تأكيداً لاستمرار العمليات العسكرية ضدّها إلى حين تحقيق هدفهم المتمثّل في طردها من كامل مناطق انتشارها في دير الزور. كما أعلن عدد من أبناء العشائر تشكيل «كتيبة ذئاب الفرات»، وانضمامها إلى جيش المقاتلين العشائريين، بهدف قتال «قسد» وإخراجها من كامل المنطقة. ويأتي التصعيد الأخير بعد رفض «قسد» السماح لشيخ شمل العكيدات، مصعب عبود الهفل، بدخول الأراضي السورية من أربيل التي وصل إليها من الدوحة. وفي هذا الإطار، تفيد مصادر عشائرية، في حديث إلى «الأخبار»، بأن «الشيخ مصعب وصل إلى أربيل قبل نحو شهر بالتنسيق مع السفارة الأميركية في قطر، للضغط على قسد لوقف ممارساتها ضدّ المناطق في أرياف دير الزور»، مشيرة إلى أن «الأميركيين لم يكونوا صادقين في التعاطي مع ملفّ المظالم التي تتعرّض لها العشائر العربية في دير الزور، وهو ما ظهر في عدم ضغطها على قسد للسماح بدخول الشيخ مصعب إلى شرقي الفرات وتحديداً إلى معقل قبيلة العكيدات في بلدة ذيبان». وكشفت المصادر أن «الشيخ مصعب خاض مفاوضات مع التحالف الدولي في أربيل، وكان من المفترض أن يستكملها في قاعدة حقل العمر، إلا أن ذلك لم يحصل لعدم جدية ومصداقية التحالف في هذا الملفّ»، معتبرة أن «استمرار التحالف في تجاهل مظالم العشائر، قد يدفع أبناءها إلى اعتبار القواعد الأميركية هدفاً لها».
من جهته، أصدر شيخ مشايخ قبيلة العكيدات، وقائد «جيش القبائل والعشائر» في دير الزور، إبراهيم الهفل، بياناً صوتياً، أكد فيه «منع قسد أخاه شيخ شمل العكيدات، مصعب الهفل، من دخول الأراضي السورية»، كاشفاً أن «قسد طلبت من شقيقه قبل دخول المنطقة، إصدار بيان مؤيد لها ووفق رؤيتها، ورفض ذلك، فمنعته من العبور إلى أهله في سوريا، مبرّرة ذلك بوجود أوضاع أمنية غير مستقرّة في دير الزور». ودعا الهفل «أبناء القبائل والعشائر في دير الزور والجزيرة والفرات إلى استنكار هذا التصرف، الذي يكشف عن نيات قسد بالاستمرار في احتلال المنطقة ونهب ثرواتها وتهميش المكوّن العربي»، مؤكداً أن «مقاومة العشائر مستمرة إلى حين طرد عصابات قسد من شرق الفرات وكامل الجزيرة السورية»، أي محافظات الحسكة والرقة ودير الزور.