يتردّد صدى عملية «طوفان الأقصى»، التي جعلت إسرائيل تبدو «بلداً ضعيفاً إلى حد كبير»، في قاعات «البنتاغون»
ولا يزال يتردّد صدى عملية «طوفان الأقصى»، التي جعلت إسرائيل تبدو «بلداً ضعيفاً إلى حدّ كبير»، في قاعات «البنتاغون» والمؤسّسات العسكرية الأخرى في عدد من الدول، إذ يشعر الخبراء العسكريون، وفقاً لما جاء في تقرير نشرته مجلّة «نيوزويك» الأميركية، بالقلق إزاء ما يَعتبره البعض «اعتماداً مفرطاً» على أمن التكنولوجيا الفائقة للحفاظ على المنشآت والأوطان في مأمن من الهجمات، متسائيلن عن «الخراب الذي يمكن أن تُحدثه روسيا أو الصين أو أيّ خصم متقدّم آخر؟»، إذا كان الأمن الإسرائيلي لا يستطيع حماية إسرائيل من «منظّمة إرهابية ذات تقنيات منخفضة نسبياً» مثل «حماس». وفي هذا الإطار، تقول إيمي نيلسون، الباحثة في السياسة الخارجية في معهد «بروكينغز»، إن الدروس التي على «البنتاغون» تعلُّمها «كبيرة جداً»، مضيفةً: «الدول التي لديها أهمّ دفاعات تقنية وأحدث الجيوش لن تكسب المعركة بالضرورة. لا يزال في إمكان الهجمات المفاجئة العبور». وقد جعل ذلك المسؤولين العسكريين والأمنيين «ينكبّون» على دراسة أداء إسرائيل «الكارثي» في ثلاثة مجالات أساسية: صدّ المتسلّلين، ردع الصواريخ، والتنصّت على الأعداء.
فشل في «ردع» إيران وحلفائها
يقرّ مراقبون في تقرير منفصل نشرته «فورين أفيرز»، بأن القوات الإضافية التي أرسلتها واشنطن إلى الشرق الأوسط والضربات التي شنّتها على «أعضاء في الميليشيات» المدعومة من إيران لم تحقّقا نجاحاً كبيراً في «ردع خصوم الولايات المتحدة»، بل إن هجمات هؤلاء ازدادت «وقاحةً». ويتابعون أنّه رغم عدم رغبة «إيران ووكلائها» في شنّ حرب إقليمية قد «تضرّ بهم»، إلا أنّ هذه الحسابات قد تتغيّر، ولا سيما في حال تصاعُد «عدد القتلى الفلسطينيين»، أو محاولة إسرائيل احتلال قطاع غزة، ما يجعل تواجد القوات والأسلحة الأميركية عاملاً في زيادة مخاطر حصول «سوء تقدير»، بدلاً من تحقيق مهمّته الأساسية المتمثّلة في منع توسّع رقعة الحرب.
وبناءً على ما تقدَّم، يحذّر التقرير من أنّ الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، والموجات المعادية لواشنطن «التي تجتاح العالم العربي»، والاختلاف الحقيقي والكبير بين الحكومات العربية والولايات المتحدة حول «محاسبة» إسرائيل بسبب «حملتها على غزة»، تخاطر بتآكل «الأساس المتين» للتعاون الأمني العربي - الأميركي، في وقت يصبح فيه الوجود العسكري - الأميركي في الشرق الأوسط «أكثر وضوحاً وإثارة للجدل». ويختم أصحاب هذا الرأي بالإشارة إلى أن إستراتيجية واشنطن الأمنية في المنطقة «فشلت في جعل الأخيرة آمنة في السابق»، مذكّرين بأن «سنوات من المساعدة الأمنية الأميركية غير المشروطة لشركائها»، أسهمت في جعل بعض الأنظمة العربية تنتهج أساليب «قوّضت بشدّة الاستقرار الإقليمي وحقوق الإنسان»، كما حصل في اليمن وليببا مثلاً.
وبصورة أعمّ، فقد أصبحت توصيات الخبراء تتركّز، أخيراً، على أن سياسة واشنطن الشرق أوسطية في حاجة ماسّة إلى «تصحيح مسارها»، وهو ما كان ضرورياً قبل عملية 7 تشرين الأول، إلّا أنه أصبح «أكثر إلحاحاً بعدها»، في ظلّ غياب أيّ مؤشرات إلى نيّة إدارة بايدن القيام بأيّ تعديلات قصيرة أو طويلة الأجل، بهدف «معالجة إخفاقات الإستراتيجية الحالية ومخاطرها». كما يدعو هؤلاء الولايات المتحدة «أولاً وقبل كل شيء» إلى العمل على سحب القوات التي سارعت إلى إرسالها إلى الشرق الأوسط، وتقليص حجم الوجود العسكري الأميركي في المنطقة «وإعادة تنظيمه إلى حدّ كبير». وتشمل النصائح ضرورة أن «تسحب واشنطن يدها» من «أزمات» المنطقة، وأيضاً الاستثمارَ في بناء قدرات شركائها الإقليميين في المنطقة وجعلها أكثر مرونة، حتى يتمكّن هؤلاء من العمل معاً بشكل أكثر فعالية «للحفاظ على الاستقرار وإدارة التحديات الأمنية، بدعم أقلّ من الولايات المتحدة»، عسى أن تتفرّغ الأخيرة لـ«التزاماتها» الكثيرة الأخرى، على غرار تسليح أوكرانيا، وحماية حلفائها في منطقة المحيطَين «الهندي والهادئ».