القاهرة | لم يَنتظر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، فتح المراكز الانتخابية في الساعة التاسعة صباحاً، ليدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية المحسومة لمصلحته، إذ يبدو أن المرشّح وصل باكراً (قبل عشر دقائق من فتح الصناديق) إلى لجنته، حيث تقرَّر فتحها له، في ما يُشكّل انتهاكاً للقوانين الناظمة للعملية الانتخابية، أضيف إلى انتهاك آخر تمثَّل في وجود لافتات دعائية لانتخاب السيسي داخل المدرسة القريبة من "قصر الاتحادية"، والتي أدلى فيها بصوته. وعلى رغم ذلك، اكتفت "الهيئة الوطنية للانتخابات بالتأكيد على انتظام سير العملية الانتخابية من دون خروقات. وبدا أن التحشيد الذي سبق فتح صناديق الاقتراع، لم يقتصر على لجنة الرئيس فحسب، بل امتدّ ليشمل مختلف اللجان، حيث انتظمت طوابير بدفع من الأجهزة الأمنية، بالترغيب تارة، وبالتهديد تارة أخرى، وبالعروض المالية أحياناً. ودُفعت للبعض أموال للمكوث أمام اللجان طوال الوقت، فيما حصل آخرون على 2 كيلو سكّر مجاناً، في وقت تشهد فيه البلاد أزمة طاحنة في توفير السكر. كما ثمّة فئة ثالثة أُجبرت على الذهاب للتصويت لتجنّب التعرّض لمضايقات في أماكن عملها. أيضاً، سخّر رجال الشرطة جميع سيارات الأجرة لنقل المواطنين من أماكن عملهم، لإجبارهم على التصويت وضمان وجودهم، في تحرّك جاء مدفوعاً بتهديد لأصحاب السيارات بالعقاب ما لم يستجيبوا من دون اعتراض ومن دون مقابل. هكذا، بدا المشهد كما أرادته الأجهزة الأمنية في الانتخابات المحسومة سلفاً لمصلحة السيسي، حيث توافد الناخبون في طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم أمام لجان الاقتراع، في حين سارع جميع المسؤولين للإدلاء بأصواتهم وإلزام الموظفين لديهم بالتصويت.
اتّجهت الأجهزة الأمنية إلى رجال الدين لنشر فتاوى حول ضرورة التصويت من منظور ديني


ومشهد الكثافة "المصطنعة" أمام اللجان هذا، يُتوقّع أن يستمرّ اليوم وغداً، وسط تجاهل هيئة الانتخابات للانتهاكات أمام مقرّات اللجان، وتوقّعات بمزيد من الإجراءات التي تزيد من فرص التصويت وتسهّل في الوقت نفسه تحقيق هدف الدولة بتحويل الانتخابات الحالية لتكون الأعلى مشاركة مقارنة مع انتخابات عامَي 2014 و2018. والجدير ذكره، هنا، أن شاشات القنوات خُصّصت لنقل صورة "الحشود" من أمام صناديق الاقتراع حصراً، مع حذف العديد من الفيديوهات والمقاطع التي تضمّنت عمليات "التحشيد" أو توزيع المساعدات.
أما الناشط الأكبر بين مرشّحي الرئاسة الأربعة، وهو حازم عمر، رئيس "حزب الشعب الجمهوري"، فقد أجرى جولة ميدانية في الدقهلية في شرق الدلتا، أمس، بعد إدلائه بصوته، في خطوة يُتوقّع أن يصاحبها نشاط مكثّف لحملته الانتخابية، وسط تقديرات بتصديره كوصيف للرئيس في الانتخابات، بعدما أصبح المرشّح الرئاسي (إلى جانب السيسي) الوحيد الذي قدّم توكيلات من المواطنين لخوض سباق الرئاسة. ومع اتجاه الأجهزة الأمنية إلى رجال الدين لنشر فتاوى حول ضرورة التصويت من منظور ديني، وتحرّك "حزب النور" السلفي لدعم السيسي في الانتخابات باعتباره الأفضل، جاءت تصريحات كرم جبر، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بالتأكيد على أن المشاركة في الانتخابات بمثابة تفويض للسيسي في أيّ إجراءات يتّخذها لحماية الأمن القومي، لتكون بداية للتعبير عن رؤية مستقبلية للتعامل مع القرارات المنتظرة من الرئيس.