رام الله | يرفع جيش الاحتلال الإسرائيلي من مستوى دمويته في الضفة الغربية، محوّلاً «الإعدامات الميدانية» المباشرة التي تتصاعد بالتوازي مع ما يحدث في غزة، إلى منهجية عمل. فخلال أقلّ من ساعة، صباح أمس، قتل جنود العدو 4 شبان في مخيم الفارعة قرب مدينة طوباس، بعد اقتحامه، على غرار ما جرى في الثامن من كانون الأول الجاري، حين قتلوا 7 شبان في أقلّ من ساعتين. وجاء اقتحام مخيم الفارعة، وارتكاب المجزرة، بعد أقلّ من 24 ساعة على اقتحام مخيم نور شمس، واغتيال 5 شبان في داخله. واستُشهد في هجوم أمس، راشد العايدي (17 عاماً) بعد إصابته برصاصة في الصدر، بينما سقط الشقيقان محمد وحكمت سمير ملحم (17 عاماً و24 عاماً)، ويزن الخطيب (20 عاماً) برصاص في الرؤوس. وشيّع الآلاف جثامين الشهداء الأربعة، وسط هتافات مؤيّدة للمقاومة و«كتيبة الفارعة». وانطلق موكب التشييع من مستشفى طوباس التركي الحكومي في اتّجاه المخيم، حيث أُلقيت نظرة الوداع الأخيرة، كما أقام الأهالي صلاة الجنازة، ثم واروا الشهداء الثرى في مقبرة «الفارعة».وقالت مصادر محلية، لـ«الأخبار»، إن قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت المخيم، وفرضت عليه حصاراً، ونشرت القنّاصة على أسطح المباني، وهو ما يفسّر الإصابات في الرؤوس، والإصابات الخطيرة التي لا تزال في المستشفى، إذ أكد «الهلال الأحمر الفلسطيني» وقوع 4 جرحى أيضاً. ووفق المصادر، فإن مقاومين اشتبكوا مع القوات المتوغّلة في أكثر من محور، واستهدفوا العديد من الآليات العسكرية بعبوات ناسفة محلّية الصنع، فيما جرى توثيق بعض تلك الاستهدافات عبر مقاطع مصوّرة.
وإذا كان جيش الاحتلال يرتكب هذه الإعدامات على مرأى العالم، فإن ما يقترفه في السجون ومعسكرات التحقيق أكثر وحشية وبشاعة. وعلى رغم بقاء ذلك بعيداً من الإعلام والمتابعة، فقد كشفت بعض أوجهه صحيفة «هآرتس» العبرية، حيث أكدت أن عدداً من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين من قطاع غزة «توفوا» في معسكر اعتقال في النقب نتيجة ظروف اعتقالهم القاسية. وأوضحت الصحيفة أن جيش الاحتلال «يُبقي الأسرى معظم الوقت معصوبي الأعين ومكبّلي الأيدي، ما أدى الى وفاة العديد منهم»، من دون أن توضح ظروف استشهادهم، بينما قال الجيش إنهم «إرهابيون، والقضيّة قيد التحقيق». وبيّنت الصحيفة أن «ظروف اعتقال المحتجزين في غاية الصعوبة، إذ يُربَطون بالأغلال التي لا تسمح لهم إلا بحركة محدودة، وتناول الطعام، بينما ينامون على مراتب رقيقة على الأرض في 3 مجمّعات سجون يتسع كل منها لنحو 200 معتقل».
وعلى خلفية ذلك، وجّهت المؤسّسات المعنية بالأسرى نداءً عاجلاً إلى المؤسسات الحقوقية الدولية، للضغط على الاحتلال للكشف عن مصير معتقلي غزة، ووقف جريمة «الإخفاء القسري» بحقّهم، مشيرة إلى أنه بحسب معطيات من إدارة سجون الاحتلال نشرتها، في نهاية تشرين الثاني الماضي، فإن 260 من هؤلاء المعتقلين صُنّفوا «كمقاتلين غير شرعيين»، وجرى اعتقالهم بعد السابع من تشرين الأول، في حين ذكر جيش الاحتلال أنه اعتقل أكثر من ألف شخص من القطاع.
المقاومة تستهدف آليات للاحتلال في أنحاء الضفة وتطلق النار على مستوطنين


وفي سياق التحريض على القتل والإعدامات، طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بتطبيق قانون إعدام الأسرى وتفعيله حالاً، قائلاً: «في كل يوم لا يعود فيه المختطفون - يجب إعدام المزيد من الأسرى».
وبالعودة إلى العملية العسكرية في مخيم الفارعة، فكانت استكمالاً لمسلسل اقتحامات شهدته مدن وبلدات الضفة الغربية، وأصيب خلاله العديد من الفلسطينيين. كما سُجلت اشتباكات مسلّحة في عدد من المناطق في محافظات نابلس وقلقيلية وأريحا وبيت لحم والخليل. وكان لافتاً استهداف مقاومين، فجر أمس، آليات الاحتلال في شارع فلسطين ودوار الشهداء وسط مدينة نابلس، خلال اشتباكات وُصفت بالعنيفة، وأُصيب فيها أحد الشبان بالرصاص، بينما اقتحم جيش العدو عدّة قرى في محافظة قلقيلية حيث اندلعت مواجهات تخلّلتها مداهمات لمنازل مواطنين واعتقال عدد من الشبان، فيما أصيب أثناءها شاب في بلدة باقة الحطب. كذلك، اقتحمت قوات الاحتلال مدينة طولكرم وضاحية شويكة، في حين أصيب شابان بالرصاص خلال اقتحام مدينة يطا جنوب الخليل. وشهدت بلدة دورا، هي الأخرى، مواجهات، شأنها شأن مخيمَي عايدة والدهيشة في بيت لحم، ومدينة أريحا. كما سُجّلت، خلال الساعات الماضية، عمليتان نوعيتان للمقاومة، أقدم في إحداهما شاب من بلدة رنتيس غرب رام الله على طعن جندي إسرائيلي في متجر تابع لمحطّة وقود، مساء أول من أمس، قبل أن يعلن جيش العدو اعتقاله مع أفراد من عائلته في القرية.
وبالتزامن مع اقتحام مخيم الفارعة، أَطلق مقاومون النار على مركبات للمستوطنين قرب مستوطنة عطيرت المجاورة لرام الله، حيث أعلنت إذاعة جيش العدو عن إصابة مستوطِنة. وذكرت مصادر عبرية أن المستوطِنة أُصيبت بجروح خلال عملية إطلاق نار من مركبة مسرعة، فيما انسحب منفّذ العملية من المكان قبل وصول قوات الاحتلال التي أَغلقت المنطقة، وشرعت في عملية تفتيش للمركبات والمواطنين. ولفتت المصادر إلى أن المقاومين استهدفوا مركبتَين للمستوطنين بإطلاق النار، قبل أن ينسحبوا بواسطة مركبة في اتجاه مدينة رام الله، بينما ذكرت «نجمة داوود الحمراء» أنها قدّمت «العلاج الطبي لامرأة تبلغ من العمر 27 عاماً في حالة متوسطة مصابة بطلق ناري، ونقلتها إلى مستشفى شعاري تسيديك».
ونشرت «سرايا القدس- كتيبة طولكرم»، من جهتها، مقاطع مصوّرة لوقوع قوّة خاصّة إسرائيلية في كمين للمقاومة، في مخيم نور شمس، قبل أيام، أَظهرت إصابة عدد من الجنود، فيما ذكر «مركز معلومات فلسطين» أن يوم أول من أمس، شهد عملية طعن، و7 عمليات إطلاق نار استهدفت قوات الاحتلال، وتفجير 3 عبوات ناسفة، وإعطاب آلية عسكرية، ومواجهات في 5 مواقع.