طهران | لاذت إسرائيل، على عادتها، بالصمت، بعد الانفجارَين الكبيرَين اللذين هزّا مدينة كرمان، جنوبي إيران، وخلّفا عشرات الشهداء والجرجي ممّن كانوا يحيون الذكرى السنوية الرابعة لاستشهاد القائد السابق لـ»قوة القدس» في «الحرس الثوري»، الجنرال قاسم سليماني، أمس. وإذ لم تنفِ ضلوعها - على رغم استبعاد الأميركيين صلة العدو بالمجزرة -، إلا أن الناطق باسم جيش الاحتلال اكتفى برفض التعليق على الواقعة، فيما لم يَخرج أيّ فصيل ليتبنّاها. ولا يمكن على أيّ حال، فصل ما جرى في كرمان من هجوم بهذا الحجم صادف ذكرى اغتيال سليماني، عمّا يجري في غزة من عدوان مستمرّ، ولاسيما في ظلّ توسيع إسرائيل استهدافاتها لتطال القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، سيد رضي موسوي، في سوريا، والقيادي البارز في حركة «حماس»، صالح العاروري، في ضاحية بيروت الجنوبية، في ما يؤشّر - على ما يبدو - إلى رغبتها في توسيع الحرب، لتطال بقية أطراف محور المقاومة، هرباً، كما يقول المسؤولون الإيرانيون، من إخفاقاتها في القطاع، والتي لم تَعُد خافيةً حتى على حليفتها الأقرب، واشنطن، التي خرج الناطق باسم مجلس الأمن القومي فيها، جون كيربي، ليقول، أمس، إن بلاده «تتقبّل فكرة أن حماس ستظّل موجودة». ويعكس التصريح المتقدّم، استيعاب الولايات المتحدة استحالة تحقيق الأهداف الإسرائيلية المعلنة للحرب، فيما لا تزال حكومة العدو مصرّة على استكمال عدوانها حتى تحقيق «النصر».وفي ما يُعدّ الانفجار الإرهابي الأكبر في تاريخ إيران الحديث من حيث عدد الضحايا، استشهد العشرات وجُرح أمثالهم آخرون، نتيجة انفجارَين استهدفا حفل الذكرى السنوية الرابعة لاستشهاد سليماني، والذي أقيم أمس الأربعاء في كرمان. وإذ وصفت السلطات المحلّية الانفجارَين بأنهما «إرهابيان»، معلنةً أنهما أسفرا عن استشهاد 103 أشخاص، وإصابة 141 آخرين علی الأقلّ، صار واضحاً بحلول مساء أمس، توجّه السلطات الإيرانية إلى اتهام إسرائيل بالواقعة، وفق ما أعلنه الرئيس إبراهيم رئيسي، وقائد «قوة القدس» إسماعيل قاآني، فيما أكد المرشد الأعلى، علي خامنئي، أن الردّ على انفجارَي كرمان «سيكون قاسياً».
ووقع الانفجاران قرابة الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم أمس، بالقرب من مرقد سليماني، والمعروف بـ»روضة الشهداء». ونقلت وكالة «تسنيم» المقربة من «الحرس الثوري»، عن مصادر في كرمان، قولها إنه كانت هناك حقيبتان مفخّختان عند مدخل «الروضة». وعلى ما يبدو، فإن منفّذ أو منفّذي هذا الهجوم قام/وا بتفجير القنابل عن بعد. ووفق ما ذكرت وكالة «مهر»، فإن «أحد الانفجارَين استهدف القوى الأمنية المنظِّمة لمراسم إحياء ذكرى استشهاد سليماني»، فيما نسب التلفزيون الرسمي الإيراني إلى رئيس الطوارئ الطبية في كرمان، قوله إن الانفجارَين ناجمان عن عبوتَين مفخختَين وضعتا في مقبرة كرمان، على الطريق المؤدّي إلى مرقد سليماني. وذكر التلفزيون أن بعض المصابين سقطوا من جراء التدافع عقب الانفجارَين. وحتى مساء أمس، لم تعلن أيّ جهة أو جماعة مسؤوليتها عن حادثة كرمان، علماً أن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي رفض التعليق عليها، قائلاً: «(إنّنا) نركّز على الحرب ضدّ حماس».
أكد المرشد الأعلى أن الرد على انفجارَي كرمان سيكون قاسياً


وفي إطار ردود الفعل الإيرانية، أكد المرشد الأعلى أن «الرد على انفجارَي كرمان سيكون قاسياً، وجنود طريق قاسم سليماني لن يحتملوا الجريمة»، فيما حذّر الرئيس الإيراني الكيان الصهيوني من أنه «سيدفع ثمن جريمة كرمان غالياً بما يدفعه إلى الندم». وفيما قال قائد «قوة القدس» إن «هجوم كرمان الآثم تم تأمينه عن طريق أميركا والكيان الصهيوني»، سارعت وزارة الخارجية الأميركية إلى التأكيد أن واشنطن «ليست ضالعة بأي شكل في انفجارات إيران»، وأنه «لا سبب للاعتقاد بضلوع إسرائيل فيها»، ليعود كيربي ويؤكد هو أيضاً عدم ضلوع بلاده، قائلاً في الموازاة إنه «ليست لدينا أيّ مؤشرات على تورّط إسرائيل في الانفجار الأخير في إيران بأيّ شكل من الأشكال». ومن جهته، وصف وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني، الواقعة بأنها «مؤامرة»، مؤكداً أن القوات العسكرية والأمنية الإيرانية «ستصفع الأعداء». ومنذ اللحظة الأولى، بدا أن ثمّة في إيران مَن يربط انفجار كرمان بالحرب في غزة واغتيال كلّ من القيادي موسوي في سوريا، والقيادي العاروري في بيروت، على يد إسرائيل. وفي هذا الإطار، قال النائب في البرلمان الإيراني، حسين جلالي، في تصریح صحافي، إن «مثل هذه الأحداث لا تخلو من صلة بالجرائم المرتكبة في غزة»، مضيفاً أن «الحادث وراءه العدو، وإسرائيل بالتأكيد أحد عوامله». وتابع: «وكما أن إسرائيل لا تستطيع هزيمة حماس وتقوم بدلاً من ذلك بقتل النساء والأطفال، فإن عملاء إسرائيل يرتكبون اليوم هذه الجريمة».
وفي ما بدا تعليقاً لافتاً، أكدت وزارة الخارجية السعودية رفض المملكة وإدانتها للتفجيرات الإرهابية التي استهدفت المدنيين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وعبّرت، في بيان، عن «خالص تعازيها ومواساتها وتضامنها مع إيران في هذا الحدث المؤلم، مع تمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل».
وكانت آخر عملية إرهابية شهدتها إيران قد نُفّذت في الـ13 من آب من العام الماضي في مرقد «شاهجراغ» في مدينة شيراز جنوب البلاد، وأسفرت عن مقتل شخصين. وقبل بضعة أشهر، وقعت عملية إرهابية مماثلة في شاهجراغ، قتل فيها 13 شخصاً، وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنها.