بغداد | تسعى الولايات المتحدة إلى زيادة عديد قواتها في العراق وسوريا، في تحدّ لرغبة العراقيين الذين تُجمع تصريحات مسؤوليهم على ضرورة إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد. ويأتي هذا بالتوازي مع تواصل هجمات «المقاومة الإسلامية في العراق» ضد القواعد العسكرية الأميركية في البلدين المذكورين، واتخاذها اتجاهاً تصعيدياً من حيث نوعية الأسلحة والأهداف، وذلك ردّاً على الاستهدافات الأميركية لمقراتها من جهة، واغتيال المستشارين الإيرانيين بغارات إسرائيلية في دمشق في المدة الأخيرة من جهة ثانية. وتكشف مصادر أمنية، لـ«الأخبار»، عن اعتزام واشنطن إرسال 1500 جندي إضافي إلى العراق وسوريا، في أكبر انتشار في الشرق الأوسط منذ 2008، في وقت تنفي فيه السلطات الأمنية العراقية ذلك. وفي المقابل، تؤكد مصادر في المقاومة العراقية أن تصعيد سلسلة الهجمات الأخيرة ضد القواعد العسكرية التابعة للولايات المتحدة، هو بمنزلة الإنذار الأخير لها للانسحاب من أراضي العراق، فضلاً عن كونه وسيلة للضغط على الحكومة للتحرك سريعاً لإخراج قوات «التحالف الدولي»، ولا سيما بعد اعتراف القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بعدم الحاجة إلى القوات الأجنبية.
وفي تعليقها على ذلك، تقول مصادر في لجنة الأمن والدفاع النيابية، لـ«الأخبار»، إن «البرلمان عازم على إخراج القوات الأجنبية من البلاد منذ عام 2020، حين صوّت على قرار يلزم الحكومة بذلك، ولكن السوداني يتحدث إلى الإعلام عن قرار نهائي بإخراج التحالف الدولي، ويبلغ واشنطن سراً عدم نيته تنفيذ هكذا قرار». وتضيف أنّ «حكومة السوداني لم تستطع المجازفة بتنفيذ القرار المذكور، لأن في ذلك تبعات وخيمة قد تصل إلى إسقاط الحكومة أو عودة الفوضى إلى البلاد». وتلفت إلى أن «فصائل المقاومة الإسلامية تعلم جيداً أن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها بسهولة. ولهذا، فالتعامل معها بالقوّة والصواريخ قد يكون هو الحل، لكن في الوقت نفسه آثاره سلبية على البلاد». وتتابع أن «جميع اجتماعاتنا مع الحكومة والقيادات الأمنية تتعلّق بالوجود الأجنبي، وهل انتفت حاجة العراق إلى التحالف الدولي؟ وهل توجد ضمانات بعدم عودة تنظيم داعش؟ لكن غالبية هذه الأسئلة ليست لها إجابات حقيقية للأسف».
فصائل المقاومة تعلم جيداً أن الولايات المتحدة لن تسحب قواتها بسهولة


ومن جهته، يرى القيادي في حركة «النجباء»، محمد الموسوي، أن «التصعيد ضد المحتل الأميركي يهدف إلى إنهاء وجوده. وهناك أسلحة وصواريخ دشنتها المقاومة حديثاً لدك معاقل الاحتلال، وربما ستكون هناك ضربات شديدة في العراق وخارج حدوده». ويشير الموسوي، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «ضربات المقاومة أصابت أهدافها بشكل دقيق ومباشر، وهناك إصابات تقع في صفوف الجنود الأميركيين، لكن العدو يخفي الحقيقة حتى لا تهتز صورته». ويؤكد أن «الولايات المتحدة لديها النية لاستهداف الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، وهذا ما يجعلنا على استعداد تام للمواجهة والردع وضرب معاقل العدو»، معتبراً أن «الحراك الديبلوماسي من قبل الحكومة لم يرتقِ إلى مستوى إقناع الأميركيين بالخروج، بل هناك نية بعدم الانسحاب بسبب ضعف الموقف الرسمي والسياسي العراقي».
ويشدّد النائب عن «الإطار التنسيقي»، فالح الخزعلي، بدوره، على ضرورة إنهاء وجود القوات الأميركية في أسرع وقت، لافتاً إلى أن عدداً من النواب جمعوا 100 توقيع لرفع مقترح قانون بهذا الشأن، وإلزام الحكومة بتنفيذه. ويضيف الخزعلي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «ضغط المقاومة عسكرياً هو من ضمن الحلول الوطنية إزاء المحتل الأميركي الذي يدعم جرائم الكيان الصهيوني ضد قطاع غزة».
وكانت قد استهدفت المقاومة العراقية بعشرات الصواريخ، أول من أمس، قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غربي البلاد والتي تضم قوات الولايات المتحدة، ما أسفر عن إصابة جنود أميركيين، وفقاً لتصريحات مسؤولين في البنتاغون. كما أعلنت المقاومة أنها ضربت هدفاً عسكرياً في الجولان المحتل، بالطيران المسيّر. وسبق أن تبنت، الخميس الماضي، هجوماً بطائرة مسيرة على قاعدة أميركية قرب مطار أربيل في إقليم كردستان. وبذلك، تكون القوات الأميركية وقوات «التحالف» قد تعرضت للهجوم أكثر من 145 مرة في العراق وسوريا، منذ 7 تشرين الأول. من جهتها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي قوله إن طائرة أميركية مسيرة تحطمت قرب قاعدة بلد الجوية في العراق، فيما أعلنت المقاومة أنها فتحت النار على طائرة أميركية بلا طيار من طراز «إم كيو-9 ريبر»، وهي مسيّرة قادرة على المراقبة والهجوم.
ويؤكد الباحث في الشأن السياسي، علي محيي الدين، في تعليقه على ذلك، أن «المقاومة الإسلامية ماضية في اتجاه توسيع ضرباتها داخل العراق وسوريا وصولاً إلى الأراضي المحتلة». ويرى أن «الولايات المتحدة تصطنع الأزمات في المنطقة لضمان شرعية وجودها، وهذا ما نلاحظه عبر تصريحات مسؤولي واشنطن الذين يؤكدون أن بقاءهم ضروري لمحاربة داعش والإرهاب الذي يهدد أمن المنطقة». ويعتبر أن «الحكومة العراقية ضعيفة ومنقسمة، وليست قادرة على إدارة الصراع وحماية حدودها من القوات الأميركية».