تواصلت المواجهات على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وشنّت المقاومة الإسلامية عدداً من العمليات ضد مواقع وتجمّعات للعدو في القطاعات: الغربي والأوسط والشرقي وصولاً إلى المواقع في مزارع شبعا المحتلة، مستخدمة المزيد من الصواريخ المضادة للدروع وصواريخ بركان.أما العدو، فشنّ المزيد من الغارات الجوية في خراج عدد كبير من البلدات الجنوبية. وبرز في الأيام الأخيرة، تصعيد العدو الإسرائيلي عدوانه جنوباً، ليس فقط في العمق الجغرافي، بل أيضاً في المربع الأكثر اكتظاظاً بالنازحين من البلدات الحدودية، وأن الغارات الجوية التي استهدفت منزلين في مجدل سلم والجميجمة الإثنين والثلاثاء الماضيين، أدّت إلى تضرر عشرات المنازل، وأجبرت النازحين والمقيمين على إعادة تقييم البلدات التي صُنفت طوال الأشهر الأربعة الماضية آمنة.
وعُلم أن اللجان المحلية المعنية بترتيب شؤون النازحين بدأت وضع خطة نزوح بديلة في حال واصل العدو استهداف هذه البلدات. علماً أن مصادر أكّدت أن لدى الجيش اللبناني واليونيفل معطيات تؤكد نية إسرائيل التصعيد، وإجبار النازحين والمقيمين على إفراغ الحافة الأمامية وقراها الخلفية، ورسم حزام ناري بقصف بلدات تبعد عن الحدود حوالي 20 كيلومتراً من الحدود.
وقد عزّز المخاوف من التصعيد إنهاء قيادة اليونيفل وضع دراسة لإعادة انتشار قواتها وإخلاء بعض مراكزها ودمج عناصرها في مراكز أكبر. فبعد تطبيق خطة إخلاء الموظفين إلى شمالي الليطاني وحماية الجنود في ملاجئ المعسكرات وتعليق غالبية الدوريات الميدانية، شرعت الناقورة في وضع خطة إعادة هيكلة عددية وجغرافية، فُصّلت على قياس مصلحة إسرائيل وأمنها، وقالت المصادر إنها «تقضي بإخلاء عدد من المراكز الصغيرة وتلك التي تقع على تماس مع المواقع الإسرائيلية. الإخلاء والدمج وتخفيض العديد يقابلها، بحسب الخطة، «إنشاء قوة رديفة مهمتها الانتشار على الحدود الجنوبية لضمان عدم تنفيذ حزب الله لطوفان الجليل عند الحدود الشمالية».
ومنذ بدء العدوان الأخير، يشكو الجنوبيون من عدم فعالية دور اليونيفل في حفظ السلام وحماية المدنيين. ورغم وجود أكثر من عشرة آلاف جندي أممي في أكثر من ثلاثين مركزاً في منطقة جنوب الليطاني، لم تتوانَ إسرائيل عن قصف أحياء قريبة من تلك المراكز التي تضرّر بعضها، فكيف سيكون الحال إذا انسحبت القوات الدولية من مناطق واسعة؟.
ينوي العدوّ إجبار النازحين والمقيمين على إفراغ الحافة الأمامية وقراها الخلفية


بوحبيب: وقف حرب غزة
من جانبه، واصل وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب زيارته لنيويورك، والتقى أمس وزير خارجية النمسا ألكسندر شالنبرغ، كما أجرى مشاورات مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره التركي حقان فيدان، وألقى كلمة لبنان في اجتماع مجلس الأمن، شرح فيها موقف لبنان لجهة «فشل سياسة البحث عن مسكّنات كلما اشتدت وتيرة الصراع، لأن القضية الفلسطينية مفتاح السلم، وبوابة الأمن في الشرق الأوسط، من خلال إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، واللبنانية، والسورية، كي نعيش معاً، ويعترف بعضُنا ببعض وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. فلا سلام مستدام من دون عدالة للفلسطينيين. إن أنصاف الحلول والتسويات المؤقّتة تُوَلِّد فقط الحروب والدمار».
وأشار بوحبيب إلى «وجود فرصة تاريخية لهدوء مستدام على حدود لبنان الجنوبية. فلبنان لا يريد الحرب، ولم يسعَ يوماً، ولا يسعى اليوم إليها». وقال: «إن رؤية لبنان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار المستدام في جنوب لبنان تقوم على التطبيق الشامل والكامل للقرار 1701، ضمن سلة متكاملة بضمانات دولية واضحة ومعلنة، وتشمل إظهار الحدود الدولية الجنوبية حسب اتفاقية الهدنة، واستكمال الاتفاق على كلّ النقاط الـ 13 الحدودية المتنازع عليها، وانسحاب إسرائيل انطلاقاً من النقطة B1 في منطقة رأس الناقورة وصولاً إلى خراج بلدة الماري مع ضرورة وقف نهائي للخروقات الإسرائيلية التي وصلت إلى حوالي 30 ألف خرق منذ عام 2006، وعدم استعمال الأجواء اللبنانية لقصف الأراضي السورية». وطالب بـ»دعم الأمم المتحدة والدول الصديقة للحكومة اللبنانية في بسط سلطتها من خلال تقوية وتعزيز انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، وتوفير له ما يحتاج من عديد وعتاد بالتعاون مع اليونيفل، بحيث لا يكون هناك سلاح دون موافقة حكومة لبنان ولا تكون هناك سلطة غير سلطة حكومة لبنان». وإضافة إلى ضرورة «تسهيل العودة الآمنة والكريمة للنازحين عن المناطق الحدودية التي نزحوا عنها بعد 7 تشرين الأول 2023. (...) ووقف الحرب على غزة، ما يسهّل وضع هذا التصور موضع التنفيذ».