بغداد | تستعد «المقاومة الإسلامية في العراق» للمرحلة الثالثة من عملياتها العسكرية التي تشنّها ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا، فيما تلوّح بأنّ ردها على العدوان الأميركي سيكون داخل دول مجاورة تحتضن قوات تابعة للولايات المتحدة، وتتّخذها الأخيرة ساحة لإطلاق غاراتها الجوية ضد مقارّ «الحشد الشعبي». وتتعامل «المقاومة العراقية» مع التوتر الحاصل في المنطقة وفق مراحل مدروسة، لنواحي نوع الهجمات والأهداف والأسلحة المستخدمة في كل مرحلة. وهي أعلنت أن المستوى الثالث من عملياتها سيطاول دولاً قدّمت المساعدة لواشنطن في ضرباتها الأخيرة في مدينة الأنبار غرب البلاد. يأتي ذلك إثر سلسلة من الغارات الأميركية التي استهدفت، مساء الجمعة الماضي، مقارّ تستخدمها قوات «الحشد الشعبي» في منطقتَي عكاشات والقائم في محافظة الأنبار، وأسفرت عن استشهاد 17 شخصاً وجرح 35 آخرين، انتقاماً من هجوم الأردن الذي أسفر عن مقتل 3 من الجنود الأميركيين وجرح العشرات. ويتّهم بعض الفصائل العراقية الأردن والسعودية والكويت، بالسماح للقوات الأميركية بالانطلاق من أراضيها في الغارات التي استهدفت «الحشد»، مهدّداً باستهداف القواعد الأميركية الموجودة في تلك الدول في حال بقيت تدعم الولايات المتحدة في ضرباتها الجوية.
وفي هذا الإطار، يقول القيادي في حركة «النجباء»، محمد الكعبي، إن «الغارات الأميركية ضد قواتنا في الحشد الشعبي كانت متوقّعة، لأنها تُعتبر ضمن خانة المواجهة بيننا وبين المحتل الأميركي، وبالتالي نحن حقّقنا هجمات نوعية ضدهم، ولدينا مرحلة ثالثة ستشهد هجمات انتقامية من العدو». ويضيف الكعبي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «المرحلة الثالثة متطوّرة من نواح متعدّدة، أبرزها السلاح والتقنيات الحديثة، لكننا حالياً في انتظار إتمام دراستها بشكل متكامل، على رغم أن الجميع أعلنوا استعدادهم لها»، لافتاً إلى أن «الدول المجاورة المتهمة بمشاركتها في العدوان الأميركي، في حال ثبوت ذلك، ستكون تحت مرمى نيراننا».
يتّهم بعض الفصائل العراقية الأردن والسعودية والكويت بالسماح للقوات الأميركية بالانطلاق من أراضيها في الغارات


من جانبه، يتحدّث القيادي في «الحشد الشعبي»، أبو رضا الساعدي، إلى «الأخبار»، عن أنّ «الحكومة العراقية ملتزمة بإجراء حوار ناجح مع الأميركيين في سبيل إخراجهم من أراضينا، لكن هم غير ملتزمين. ودائماً ما يخترقون المواثيق والاتفاقيات، وهذا ما يعطي الشرعية الكاملة لقصفهم بالصواريخ». ويتابع أن «أميركا تكذب. ودائماً ما تقول شيئاً وتفعل عكسه تماماً. وتحاول توريط الحكومة بأنها تعلم بغاراتها ضد مقارّ الحشد الشعبي، وعندما يأتي النفي، تبحث عن حجج واهية لتبرير عدوانها». ويشير إلى أنّ «هجمات المقاومة مستمرة، ولم تتوقف أبداً (...) وأما تعليق كتائب حزب الله للعمليات، فلا يعني توقّف عمل المقاومة. فهي باقية ولديها نشاط ضد المحتل، سواء كان داخل العراق أو خارجه في الأراضي المحتلة».
بدوره، يرى النائب عن «الإطار التنسيقي»، فالح الخزعلي، أن «الهجمات الأميركية على الحشد الشعبي وحّدت الجميع بما فيهم الحكومة والبرلمان على طرد المحتل، ولسنا بحاجة إلى هذا المحتل حتى على مستوى المشورة والتدريب لقواتنا الأمنية». ويتابع، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الحديث مع القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني هو الإسراع في إكمال جولات الحوار مع الجانب الأميركي لحسم الملف الذي طال كثيراً، في ظل انتهاك السيادة وقتل عناصر الحشد الشعبي واستهداف المناطق السكنية». ويقول الخزعلي إن «المقاومة هي ردّ فعل تجاه الانتهاكات الأميركية للأراضي العراقية دفاعاً عن غزة التي دمّرها الاحتلال الإسرائيلي. وعليه، في الوقت الحالي دور المقاومة هو تطهير البلاد والوقوف مع فلسطين».
أما الباحث في الشأن السياسي، ماجد الحسناوي، فيرى أنّ «المقاومة حسب خططها وخبرتها منذ عقدين في مواجهة القوات الأميركية، لم تسكت ولم تتأخر عن الرد العسكري ضد مصالح الولايات المتحدة، لكن هي الآن أعطت مهلة للسوداني لسلك الطرق الديبلوماسية والحوارات. وكما قالت لا تريد إحراجه، وتنتظر النتائج النهائية لتقييم المحادثات». ويعتقد أنّ «الفصائل إذا كانت لديها النية لدخول مرحلة ثالثة من العمليات، فهي ستؤجّلها إلى ما بعد جولات الحوار مع واشنطن، وتبقى مكتفية بقصف مواقع وأهداف خارج الساحة العراقية ومناصرة غزة بشكل من الأشكال». وبحسب الحسناوي، فإن «الرد الأميركي الأخير كان استعراضياً ليس أكثر، وخاصة أن بايدن في سباق وحملة انتخابية، وربما تنفّذ هجمات جديدة يجري فيها استهداف قيادات لإقناع الشارع الأميركي بأهمية وجود أميركا في الشرق الأوسط». وحول الاتهامات بمشاركة دول مجاورة في الغارات الأميركية، يستبعد الحسناوي ذلك، قائلاً إن «الولايات المتحدة لديها ما يكفي من الأسلحة المتطورة، وهي تغذّي أغلب دول العالم بالتقنيات والأسلحة، وبالتالي من الناحية المنطقية هي ليست بحاجة إلى السلاح الأردني». ويعتقد أن «تبادل الاتهامات والشكوك يزيد من الصراعات في المنطقة وإثارة الفتن بين الدول المتجاورة».