رام الله | شيّع آلاف الفلسطينيين في محافظة طوباس شمالي الضفة الغربية، ثلاثة شهداء، من بينهم أحمد دراغمة (الجغل)، قائد «كتيبة طوباس» التابعة لـ«سرايا القدس»، ارتقوا في مخيّم الفارعة للاجئين، بعد مواجهات مع قوات الاحتلال استمرّت لساعات. وفي الأشهر الأخيرة، شكّلت مدينة طوباس وريفها والمخيم القريب منها، أي الفارعة، حالة مقاومة صلبة، مع بروز عدّة تشكيلات مسلّحة من مختلف الفصائل فيها - على غرار ما جرى في جنين وطولكرم -، نفذ عناصرها عمليات إطلاق نار استهدفت الحواجز المحيطة بالمحافظة، كحاجزَي تياسير والحمرا، وخاضوا اشتباكات مسلّحة عنيفة مع العدو في كل اقتحام للمدينة أو المخيم أو القرى المحيطة. وفي كل مرّة يقتحم فيها جيش الاحتلال «الفارعة»، تدور مواجهات شرسة يُفعّل جيش الاحتلال خلالها طائراته المسيّرة لارتكاب مجازر وتنفيذ عمليات قصف، ما يؤدي إلى استشهاد عدد كبير من الأفراد. والمخيّم الذي أُنشئ عام 1949، على بُعد خمسة كيلومترات إلى الجنوب من مدينة طوباس، على 225 دونماً، تقلّصت لاحقاً إلى 194 دونماً، يسكنه 6400 شخص، وقد تعرّض لاقتحام واسع ليل الإثنين استمرّ حتى فجر الثلاثاء، وشاركت فيه جرافات عسكرية إسرائيلية، وقناصة انتشروا في أكثر من مكان، وسط انفجارات سُمع دويّها في محيطه. كذلك، نفذت القوات المقتحِمة، على عادتها، عمليات تخريب وتدمير للبنية التحتية في أحيائه، إلى جانب اقتحام منازل المواطنين وتفتيشها والاعتداء على قاطنيها.وبالتزامن مع اقتحام «الفارعة»، اقتحمت قوة من جيش الاحتلال مدينة طوباس، حيث اندلعت اشتباكات مسلّحة، أسفرت عن استشهاد دراغمة، فيما أعاق الاحتلال، كما في كل مرّة، عمل طواقم الإسعاف ومنعها من نقل جثمان الشهيد إلى المستشفى. ووفقاً لمصادر محلّية في المخيّم، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ الغاية من الاقتحام الأخير، كانت «الانتقام والتخريب والقتل»، إذ بدأ بإطلاق الرصاص الحيّ على المواطنين ومنازلهم، ما أدى إلى استشهاد دراغمة. أيضاً، شرعت قوات الاحتلال، فجر أمس، في حملة اقتحامات ومداهمات في الضفة الغربية والقدس المحتلتَين، تخلّلتها مواجهات واعتقالات طالت عدداً من الفلسطينيين، فيما دارت اشتباكات بين مجموعات من المقاومين والقوات الإسرائيلية. ومن جهتها، أفادت المؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرى، بأن الاحتلال اعتقل، منذ مساء الإثنين حتى صباح الثلاثاء، 15 مواطناً من الضفة، بينهم فتاة اعتُقلت أثناء عودتها من الأردن، إضافة إلى أطفال، وأسرى سابقين.
لا يزال التصعيد في الضفة الغربية يحظى باهتمام دوائر الاحتلال الأمنية والاستخباراتية، وتحديداً في شهر رمضان


أيضاً، شهدت مدينة نابلس، ليل الإثنين، عملية عسكرية، بدأت بتسلُّل قوات خاصة إسرائيلية إلى حي المخفية ومحاصرتها مبنى سكنيّاً، وذلك قبل وصول تعزيزات عسكرية إضافية، ما أسفر عن اعتقال الأسير المحرّر والجريح براء ازحيمان، بعد الاعتداء عليه وعائلته، فضلاً عن إصابة ثمانية مواطنين بالاختناق جرّاء استنشاق قنابل الغاز أثناء المواجهات التي اندلعت في المكان. كما اقتحمت قوات الاحتلال أحياء ومناطق متفرّقة في المحافظة، منها بيت أيبا وبيت فوريك، حيث دارت مواجهات ووقعت إصابات في صفوف المواطنين. وفي محافظة رام الله، اقتحم جيش العدو مخيم الجلزون، واعتقل عدداً من الشبان، كما اقتحم بلدة بيت ريما، وداهم عدداً من المنازل وفتشها وعبث بمحتوياتها، ودهم مبنَى سكنيّاً في حي الطيرة في المحافظة، فضلاً عن مدينة يطا ومنطقة سنجر في الخليل جنوبي الضفة.
في غضون ذلك، كشفت «هيئة شؤون الأسرى والمحرَّرين» و«نادي الأسير»، أن الشهيد الثاني الذي ارتقى، في 22 شباط الجاري (عملية حاجز الزعيم - القدس)، إلى جانب الشهيد محمد عيسى زواهرة من بيت لحم، هو أحمد عزام الوحش (31 عاماً) من بيت لحم، والذي أُعلنت إصابته في حينه، فيما تبيّن أن المصاب الثالث هو كاظم عيسى زواهرة (31 عاماً)، شقيق الشهيد محمد. ولفتت إلى أن زواهرة محتجز في وضع صحي خطير في مستشفى «شعاري تسيدك» الإسرائيلي.
ولا يزال التصعيد في الضفة الغربية يحظى باهتمام دوائر الاحتلال الأمنية والاستخباراتية، وتحديداً في شهر رمضان، إذ ذكر الإعلام العبري أن جهاز الأمن الإسرائيلي (الجيش والشاباك) يطالب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بإجراء مداولات جديدة حول القيود المفروضة على الفلسطينيين في الداخل المحتلّ، بخصوص الصلاة في المسجد الأقصى في رمضان، في مسعى إلى تغيير القرار في هذا الخصوص. وذكرت إذاعة الجيش أن جهاز الأمن قدّم تقريراً أمنياً، جاء فيه أن «ثمّة احتمالاً مرتفعاً لتدهور أمني» في الضفة، وأنه «في حال تحقَّق ذلك، ثمّة شكّ في ما إذا سيكون بإمكاننا وقفه، في موازاة القتال وانتشار القوات في جميع الجبهات»، في إشارة إلى الحرب على غزة، والقصف المتبادل على الجبهة الشمالية مع جنوب لبنان. وأضافت الإذاعة أن جهاز الأمن سيقدّم لنتنياهو معطيات تشير إلى ارتفاع بنسبة 80% في عمليات إطلاق النار في الضفة والقدس، في السنة الأخيرة، وأنه منذ بداية العام الجاري وقع أكثر من 500 حدث أمني في هاتَين المنطقتين، ورُصدت محاولات من جانب حركة «حماس» لتوجيه عمليات مسلّحة في الضفة الغربية.