أما أم عمر، وهي سيدة تعيل أسرة مكونة من سبعة أبناء، فتقول لـ«الأخبار»: «على السحور، غمسنا خبز بتوابل فلافل وملح، وشربنا مية، ونوينا الصيام ونمنا، قضيت خمس ساعات بحثاً عن أيّ شيء يمكن شراؤه بسعر معقول ما لقيت»، لافتة إلى أن «كيلو الجبنة ارتفع ثمنه إلى ما يعادل 70$، وكيلو الأرزّ وصل إلى 40$. كميات قليلة جداً وشحيحة من الجبن موجودة، فقط للأثرياء. والله ما في شي يصلح للأكل».
لا أحد من سكان الشمال يمتلك خطة لليوم التالي، أو حتى لليوم الذي يعيشه
في مستشفيات شمال غزة، يمكنك أن تشاهد أعداد المصابين الذين يُنتشلون يومياً من مفترقي الكويت والنابلسي، وهم ينتظرون لساعات طويلة الحصول على المساعدات. عشرات الآلاف يتجمعون، هناك، فيما تطلق الدبابات الإسرائيلية يومياً الرصاص على رؤوس المصابين، ويصل آخرون وقد داستهم عجلات شاحنات الطحين التي لا تتوقف حينما يقطع طريقها الأهالي، لأن طائرات «الكواد كابتر» ستطلق الرصاص على رؤوس السائقين إن هي توقفت في مكان مخالف للمتفق عليه.
في السماء، تواصل طائرات الاستعراض العربية والأميركية إلقاء شحنات من المساعدات، لا يصل أيٌّ منها إلى أيدي من يحتاج إليها. ووسط ذلك كله، يمارس جيش الاحتلال أعلى مستويات الابتزاز، إذ يتصل على هواتف الأهالي، ويطلب منهم النزوح من الشمال إلى الجنوب، زاعماً أن كميات وفيرة من الطعام تتوفر هناك.
لا أحد من سكان الشمال يمتلك خطة لليوم التالي، أو حتى لليوم الذي يعيشه، لكن أمّ رامي، تعبّر في حديثها معنا عمّا يؤمن به الآلاف من الجياع في شمال غزة: «والله يا إبني، بنعدي كل يوم بيومو، يرزقنا الله كما يرزق الطير».