التحقيق الجدي والفعال ومعاقبة مرتكبي القتل العمد ينصف الضحايا وإن كان لا يعيدهم أحياء». هذه العبارة وردت في تقرير لمركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، شدد فيها على ضرورة كشف المتورطين في أحداث مار مخايل التي سقط فيها سبعة شهداء.وهذا التقرير ليس الأول من نوعه ضمن موجة ردود الفعل والاستنكارات التي أعقبت الحادثة وطالبت بتحقيق فعال، وجاء فيه: «إن القتل السهل ليس جديداً، بل الخوف من أن يصبح نهج تعاطٍ من جانب الأجهزة الأمنية ضد كل من يعترض أو يعبّر عن احتجاج».
وإذ أشار التقرير إلى أن لبنان «يحتاج إلى وقت طويل وإثبات عادل وحقيقي على أنه لن يضاف إلى لائحة الأنظمة الديكتاتورية التي تنتهك حقوق مواطنيها وحرياتهم، وحتى قتلهم عشوائياً مرات متكررة من دون رادع»، تساءل عن «هوية الذي يورّط البلد في لعبة التقاتل الداخلي ويرمي بأبنائه مجدداً في غياهب الاضطهاد والعنف والتعذيب».
ومن جهة أخرى، سرد التقرير المواجهات التي حصلت بين المؤسسات العسكرية من جهة والمواطنين، بدءاً بتاريخ 13/9/1993 عندما «قتل 12 مواطناً بأيدي عناصر الجيش الذي صدّ بالرصاص تظاهرة احتجاجية ضد اتفاقية السلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل نظّمت في الضاحية الجنوبية عند طريق المطار». وأشار إلى «أن التحقيق آنذاك لم يُفض إلى عدالة أو قصاص بحق الفاعلين». وجاء أيضاً على ذكر حوادث حي السلّم في 27/5/2004 التي أدت إلى استشهاد خمسة مواطنين بعد مواجهات مع الجيش خلال اعتصام نفذه سائقو الفانات والنقل العام احتجاجاً على تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، مشيراً إلى أن عناصر الجيش «أطلقوا النار فوق رؤوسهم وأغرقوا حي السلّم بالدماء والاعتقالات»، مروراً بحوادث الجامعة العربية في 23 كانون الثاني العام الفائت، عندما سقط الشهيد «عدنان شمص، وأطلقت النيران على عناصر الجيش، وجرح بعضهم، من دون أن يقوموا بالرد، وجريمة الرمل العالي التي ذهب ضحيتها طفلان في تصادم وقع بين قوى الأمن الداخلي وبعض المواطنين في المنطقة المذكورة على طريق المطار خلال إزالة بعض مخالفات البناء».
وفي السياق نفسه، أشار التقرير إلى دور وسائل الإعلام في حوادث مار مخايل التي «شاركت في إذكاء روح العصبية والفتنة والتحريض في نقلها المباشر للحوادث، وخصوصاً بعدما تحدثت المعلومات عن إلقاء قنبلة يدوية على عين الرمانة». وأضاف أيضاً أنه أثناء النقل المباشر لسير الحوادث في مار مخايل «رصدت الكاميرات أسلوب الجيش اللبناني في اعتقال بعض الشبان المحتجين، واقتيادهم بالعنف والركل والشتائم والضرب بأعقاب البنادق إلى الآلية العسكرية، لنقلهم إلى مراكز الاحتجاز التابعة لمديرية المخابرات».
وفي الختام، شدد التقرير على ضرورة كشف الفاعلين، أياً كانوا، لحماية الوطن «من ضياع محتمل إذا لم تتحقق العدالة لهؤلاء الشهداء». وأضاف: «لعل التحقيق الجدي المطلوب من قيادة الجيش ومعاقبة الفاعلين يفتح الباب أمام إجلاء جميع الحقائق السابقة».
(الأخبار)