شدّد رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على أن المسار القائم بين «حزب الله» وتيّاره «لم يخلق تفاهماً بين رئيسين فقط، بل خلق احتراماً ومحبة أيضاً على مستوى القاعدة»، مشيراً الى أنه «متى عاش الإنسان هذه الحالة وعرف كيف يتأقلم معها، فهو سيرفض التخلّي عنها وسيمنع إنهاءها».وإذ لفت الى أن «كثرة البنادق تتصادم في ما بينها، ولا تقدّم استقراراً، ولا تحمي وطناً»، أكّد أن الوحدة الوطنية المبنية على التفاهم هي التي «تنقذ الوطن، لتصبح وسيلة دفاع بدل أن تكون وسيلة تهديم».
وكان عون قد ألقى كلمة أمام جمع من أبناء الجالية في ألمانيا، أمس، استهلّها بالتذكير بالظروف التي عاناها لبنان منذ حرب الأيام الستة عام 1967، ليشير الى أن المطلوب «ليس العمل على حلّ الأزمة، بل فهم هذه الأزمة بعمقها وبأسبابها الحقيقية، لتدارك الأخطاء والتصرفات السيئة التي تورّط البلد أكثر فأكثر»، مضيفاً: «بعد 40 سنة من حرب الأيام الستة، ما زلنا نعاني آثار الأزمة وتداعيات الحرب التي حدثت وأصابت كل البلاد العربية والمشرق العربي. لو التقت في حينه قيادات أدركت الواقع واستطاعت تحليله، كما التقينا مع السيد حسن نصر الله، لربما كنا قد تفادينا كل هذه الحروب. لكن للأسف، لم يعطنا التاريخ الفرصة، ولم تكن هناك قيادات تستطيع أن تلتقي بصراحة تامة وإخلاص تام، لتتصارح وتتفاهم على أن الوحدة الوطنية هي أعظم وسيلة للدفاع عن الوطن».
ورأى عون أن هناك ثلاثة عوامل أوصلت لبنان الى الحالة القائمة، فـ«خرّبت الوطن، وقوّضت الاستقرار»، وهي: «عدم تطور المجتمع اللبناني بشكل إيجابي، تطوير الشعور الطائفي، والمال السياسي الذي بدأ بإفساد الضمير الوطني في الحياة السياسية، باستعمال عنصري الخوف والحاجة».
وإذ حذّر من «ألاعيب سياسية ما زالت تمارَس»، تطرّق عون الى لعبة الانتخابات التي «أغدقوا فيها الوعود المتناقضة، وأسّسوا لتحالف قالوا إن هدفه المحافظة على سلاح المقاومة، بينما وعدوا العالم بالعمل على نزع السلاح من المقاومة»، مضيفاً: «وصلنا الى مرحلة تمّ فيها كشف الكذبة الكبرى، وحصل الانشقاق في التحالف الرباعي وفي قلب الحكومة، وأصبحنا بعدها ضمن معادلة جديدة؛ نحن في مواجهة العالم بسبب القرار 1559، وأيضًا في مواجهة داخلية. لكن شعوراً منا بأهمية الوطن، ولكوننا لا نؤسس لمعركة انتخابية ولا لسياسة المصالح الضيقة، توصّلنا مع حزب الله إلى آلية وطنية لتطبيق القرار 1559، مع الانتهاء من الظروف التي أجبرت المقاومة على حمل سلاحها، وهي تحرير من بقي من الأسرى ومن الأرض، وعملنا على أن يكون سلاح المقاومة جزءاً من المنظومة الدفاعية، للدفاع عن لبنان عند الضرورة، حتى تغيير السياسة والنهج في الشرق الأوسط. وهنا، بدأت الهجمة علينا من دون مبرّر منطقي».
وإذ أكّد أن المعارضة «ما زالت مسيطرة على الوضع، لغاية الآن»، رغم «الضغط العالي الذي يمرّ على لبنان»، طمأن عون لبنانيي ألمانيا الى أن «الوضع لن ينفجر، وسنظل محافظين على الاستقرار. وعلينا أن نكمل العمل، وخصوصاً مع القوى العالمية لتغيير نظرتهم، وتغيير الدعم غير المشروط للحكومة اللبنانية، التي تستغلّه عناداً ورفضاً لأي حل وتفرداً بالسلطة».
وختم عون كلمته بالإشارة الى أن التفاهم القائم بين «حزب الله» والتيار يتضمّن ضرورة مساهمة المغتربين اللبنانيين، من أماكن إقامتهم، في الانتخابات النيابية، وهذا الأمر «سيحصل بالتأكيد»، متوجّهاً إليهم بالقول: «أتمنى منكم أن تبقوا أوفياء للوطن الذي استضافكم وأعطى هويته لقسم كبير منكم، هو يستحق الوفاء حتى في حال التناقض السياسي معه، وهذا الموضوع لا يتعارض مع محبتكم للأرض الأم».

عون اتفاقية جنيف

أثناء لقاء العماد ميشال عون مع أبناء الجالية اللبنانية في برلين، تقدّم منه رجل ستيني، كان قد خدم معه في سلاح المدفعية خلال الستينيات، وسأله عن برنامجه الجديد، مذكراً إياه بسياسة التمييز الطائفي التي كانت تتبعها السلطة «ضد الجنود المسلمين الملتزمين دينياً أو ذوي الولاء العربي، والتي أدت الى نشوب الحرب اللبنانية عام 1975». فأجاب الجنرال الذي رحّب بجنديّه السابق وسط تصفيق الحضور في القاعة، بالقول إنه سيعمل على تطبيق اتفاقية جنيف المتعلقة بعدم التمييز واحترام حقوق الإنسان كإنسان بصرف النظر عن مذهبه أو دينه أو طائفته. وأضاف: «تعتمد أجندتي على تحاشي أخطاء الماضي التي مارسها من كانوا قبلي ما استطعت».