strong>البقاع ـــ عفيف دياب
يتكرر الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية عن تهريب من سوريا إلى لبنان، وأكثر الأحيان بدون معلومات موثقة. رصدت «الأخبار» عملية عبور غير شرعي من الأراضي السورية إلى لبنان في جرود عرسال ـــ راس بعبلبك، حيث تبين انخفاض الاجراءات على طرفي الحدود، مع تشديدها في القسم الجنوبي

تخترق شاحنة سورية زرقاء اللون (يبدأ رقمها وينتهي بـ 7، ومسجلة في حمص) وادي «مرطبيه» في اقاصي جرود عرسال ـــ راس بعلبك (نحو 15 كلم شرقي عرسال). تجتاز الحدود اللبنانية التي ما زالت موضع خلاف بين المزارعين اللبنانيين والسوريين. لا أحد يعلم بماذا محملة، لكنها تسلك الطريق الوعرة في الوادي المذكور وبداخلها 3 اشخاص. تصل الى منطقة نائية ووعرة جداً تقع ما بين جرود عرسال وراس بعلبك حيث تتوقف بعد أن تلتقي بشاحنة صغيرة مماثلة كانت قادمة من لبنان، وتختفيان في واد بعيد عن الانظار ومراقبة «كاميرتنا».
تفرغ الشاحنة السورية حمولتها في شاحنة لبنانية كانت في انتظارها، وتقفل عائدة نحو الشرق وصولاً الى الوادي حيث كانت تنتظرها سيارة سوداء اللون تحمل لوحة سورية ظهر منها فقط «ريف دمشق ـــ مرور» وبداخلها شخصان قالا لنا انهما يتفقدان بستانهما في المنطقة، لكنهما سرعان ما غادرا بعد أن عادت الشاحنة ادراجها.
هذا المشهد اظهر أن عملية «التهريب» بين البلدين، وإن تراجعت نسبياً، ما زالت قائمة وجارية بشكل اكثر دقة و«حرفية».
ويقول المواطن العرسالي عبد الحكيم ح. الذي تبرع بمرافقتنا نحو الجرود النائية، إن الحدود اللبنانية ـــ السورية في جرود عرسال لا يستطيع احد ضبطها ومنع عمليات التهريب و«متل ما شفت.. ما حدا بيقدر يوصل لهون غير المهربين».
ينفي رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري حصول عمليات تهريب في منطقة جرود عرسال، ويقول ان: «الجانب السوري يتشدد في منع التهريب نحو عرسال، لكن هناك تراخياً عند حدود القرى الأخرى المجاورة لعرسال»، وبالتالي فإن عملية التهريب التي حصلت امامنا لم تكن ضمن نطاق عرسال العقاري وفق كلام الحجيري الذي يؤكد على اهمية «حسن» الجوار مع سوريا.
من اودية الفرا، والشحرور، والمير علي، وقرمان، ونور الدين، والشاحوط، وحورتا، والخشن وغيرها من مناطق جردية وعرة شرق عرسال التي تريد المحكمة الدولية حسب شعار كتب على «حائط» عند مدخلها الغربي، وصولاً إلى وادي «مرطبيه» لا وجود لكل ما يسمى «الإجراءات» الأمنية اللبنانية في هذه الجرود الوعرة جداً. فخلال الجولة الميدانية في المنطقة لم يلحظ وجود دورية لبنانية او سورية واحدة، حيث المنطقة «مباحة» لكل انواع العبور غير الشرعي، على خطي السير بين سوريا ولبنان. فالشاحنات الصغيرة تجتاز الحدود وكذا حال رعاة الماشية والمزارعين الذين هم في «اشتباك» دائم وقطع اشجار متبادلة.
مشهد الحدود في اقاصي شمال «الحدود» مع سوريا في عرسال وراس بعلبك لا يشبه المشهد في اقاصي جنوب ـــ شرق الحدود في دير العشاير وحلوة ووادي الاسود (منطقة راشيا) فالاجراءات الامنية هناك مشددة جداً، ولا «برغشه» تستطيع اجتياز الحدود على، حسب تعبير أحد رعاة الماشية الذي كان «يسرح» بقطيعه عند مثلث حلوة ـــ ينطا ـــ عيتا الفخار.
الجيش اللبناني يمنع وصول الصحافيين الى دير العشاير. فالمنطقة عسكرية وحدودية و«لا يمكن السماح لكم بالوصول الى هناك، وعليكم الاستحصال على ترخيص عبور من مديرية التوجيه حتى يسمح لكم بدخول دير العشاير او حلوة»، قال الضابط عند حاجز ينطا والطريق المؤدية الى الدير. والانتشار الكثيف لوحدات الجيش اللبناني يقف حائلاً أمام الوصول عبر طرق «التفافية» الى حلوة او دير العشاير. فكل محاولات العبور والوصول الى الحدود مع سوريا مباشرة منيت بالفشل.
تظهر اجراءات الجيش مدى دقة مراقبة «خط» دير العشاير ـــ حلوة ـــ وادي الاسود. فالوجود الفلسطيني هناك اصبح محدوداً ومحصوراً، وعمليات التهريب التي كانت تحصل سابقاً انتفت نهائياً. ويؤكـــــــــد ضابط امني لـ«الأخبار» انه لا عمليــــــــــات تهــــــــريب حصــــــــــلت او تحصل على طول الحدود مع ســــــــــوريا في منطقة دير العشاير وجوارهــــــا، لا في آليات او مركبات ولا حـــــــــــتى سيراً على الأقـــــــــــــدام او علـــــــــى ظهور الـــــــــبغال.
وأكد في الوقت عينه ان ما يحكى عن تهريب للسلاح "لا صحة له، ونحن حتى الآن لم نضبط شاحنة سلاح أو بغلا محمّلاً ببنادق رشاشة او مدافع هاون وغير ذلك، وقوافل الاسلحة التي يتحدث عنها بعض السياسيين لم تعبر من هنا (...) وحبذا لو ارشدونا الى طرق عبورها حتى نقوم بما يلزم».