strong>راجانا حميّة ــ فاتن الحاج
  • أعداد الطلاب «خياليّة» ونقص التجهيزات يعوق التجارب المخبريّة
  • 13 عاماً تبحث خلالها كلّية العلوم ــ 1 في الجامعة اللبنانيّة عن مناقصة تشفي «غليل» أقسامها الخمسة. فالنقص في التجهيزات والمواد المخبرية يقدّر بالملايين. وفي انتظار المناقصات الموعودة، تستثمر الكلّية طاقاتها و«جيوب» موظّفيها وطلّابها لتأمين الحدّ الأدنى من التجهيزات بغية تأمين تعليم يليق بالجامعة.

  • لا تزال كلية «العلوم ــ المبنى القديم» الوحيدة، بين سبع كلّيات يضمّها مجمّع رفيق الحريري الجامعي، التي تتخبّط في مشكلات كثيرة تستقرّ معظم حلولها عند حدود «المؤقّت والطارئ» لغياب مراسيم وقوانين تنصفها، ولعدم شمولها بمناقصات المجمّع المذكور.
    وتصل المشكلات في بعض الأقسام إلى حدّ تعليق التجارب المخبرية. فتبدأ من الزيادة الهائلة في أعداد الطلّاب مروراً بالكادر الإداري «المترهّل» والأكاديمي «المهاجر نحو الشيخوخة» لتحطّ في نهاية المطاف في «المختبرات» والنقص الفادح في موادها وتجهيزاتها.
    ويبدو أنّ الزيادة المضطردة في أعداد الطلّاب تمثّل القاعدة الأساس لتفاقم المشكلات الثلاث الأخرى والتي لن تجد في الوقت عينه «مخرجاً سهلاً في غضون السنوات المقبلة»، كما يؤكّد مدير الكلّية الدكتور محمّد دبوق. لم يحدّد دبوق عدد السنوات التي تحتاج إليها الكلّية للعودة إلى الحالة الطبيعية، لكنّه يخمّن بأنّها ستكون «طويلة وطويلة جدّاً ما لم يوضع قانون يقضي باختبار قدرات الطلّاب قبيل الالتحاق بالكلّية».
    ويوثّق دبوق كلامه عن الأعداد «الخيالية» بالأرقام، إذ وصل العدد إلى «نحو سبعة آلاف»، علماً بأنّ مهلة التسجيل لم تنته بعد. يذكر أنّ العدد بلغ 6334 طالباً في السنة الماضية.
    ويعزو دبوق الزيادة إلى فقدان السيطرة على «أبواب» أقسام الكلّية، «إذ إنها الكلّية التطبيقيّة الوحيدة التي لا تعتمد على امتحانات الدخول، فيدخل إليها بالمستوى نفسه طالب العلوم وطالب الآداب والفنونوما يزيد «الطين بلّة» تطبيق النظام الجديد «LMD» في ظل كثافة الأعداد، فيشير الدكتور عبد الله زيعور، في هذا الإطار، إلى «أنّ النظام يحتاج إلى «رُبع» عدد المسجّلين في السنة الأولى، فبدلاً من استيعاب القاعة الواحدة 350 أو 400 طالب، نحتاج إلى 50 أو 70 حدّاً أقصى لاعتماد النظام على مبدأ المناقشة بين الطالب والأستاذ»،
    غير أنّ مشكلة الكلية أنّها لا تستطيع منع الطلّاب من دخول أقسامها لغياب قانون رسمي يدعم هذا التوجّه ولالتزامها قاعدة «لكل طالب مقعد دراسي». وفي المقابل، يرتب هذا الالتزام مشكلات أكثر «خطورة» تتمثل بالتجهيزات والمواد المخبرية.
    وتعاني أقسام الكلية نقصاً فادحاً في التجهيزات، ففي قسم العلوم الطبيعية تستعيض «المحضّرة» في المختبر عن اللوازم الضروريّة «LAME, LAMELLE et PIPETTE...» بثلاثة أكواب وعلبتي قهوة وشاي و«بابّور» صغير. هي لم تقصد هذا الخرق «الفاضح»، غير أنّ النقص في التجهيزات دفعها إلى استثمار «الخزانة». تستاء المحضّرة التي ترفض ذكر اسمها، لنقمتها على «التلكّؤ» الذي تبديه الدولة والإدارة المركزية في ملف تجهيز الكلّية، وتقول «إنّنا نفتقد في بعض الأحيان أبسط الأمور، ونضطرّ معها إلى «الشحتفة» حتّى لا نصل إلى الفقدان التام». وتتوقف عند حرمان الطلّاب من اختبار التجربة والاكتفاء بمشاهدتها على التلفزيون بدلاً من أن يكون لكل طالب ميكروسكوب.
    وتشير المحضّرة إلى «أنّنا نضطر في أحيان كثيرة إلى الاستعانة بالطلّاب لشراء المواد التي تنقصنا» حتّى تكرّس هذا الأمر قانوناً في الجامعة، في ظلّ تأخّر المناقصات، فبات «على الطالب الذي يكسر جهازاً أو قطعة من جهاز أن يدفع ولو مبلغاً رمزيّاً».
    وبسبب هذا الواقع، اضطرّت رئيسة قسم الفيزياء الدكتورة فاديا بحسون إلى إلغاء اختبار «THERMO» الذي يجريه 75 طالباً بسبب أنبوب زجاجي تبلغ كلفته ألفي يورو.
    وفي قسم الكيمياء، ينتظر رئيس القسم الدكتور علي كنج «احتمال» وصول مناقصة مموّلة من البنك الإسلامي ومجلس الإنماء والإعمار لتجهيز القسم بالمواد. وفي حال تأخّرها، يتوقّع الدكتور في القسم إبراهيم زين الدين أن تتوقف بعض الاختبارات خلال اسبوعين وإلّا «سنضطر لاقتراض سلفة طارئة من الإدارة المركزية لتغطية النقص».
    ويبدي زين الدين تخوّفه من النقص في تجهيزات الـ«BIOCHIMIE» إذ لا شركة مخصّصة لمواد هذا القسم، وتخوّفاً آخر من أعداد الطلاب التي ما انفكّت تلاحق الأقسام كلّها، وهو ما يحتّم تقسيم الطلّاب إلى دفعات لإجراء اختبار واحد.
    في قسم المعلوماتيّة، تحسّن الوضع قليلاً بعدما تمكّن رئيس القسم الدكتور عفيف حايك من تأمين «خط إنترنت للطلّاب من غرفة الأساتذة»، لكن المشكلة لا تخلو من المتاعب، وخصوصاً أنّ الخط ليس موصولاً مباشرةً بالقمر الإصطناعي ودونه «لفّات ودورات» بدءاً من غرفة الأساتذة مروراً بالإدارة المركزيّة وصولاً إلى المركز الأساسي ومن ثم القمر الإصطناعي، ممّا يزيد من نسبة «الأعطال» في ظلّ غياب الصيانة.
    لكنّ الأزمة الكبرى تتجلّى في أعداد أساتذة «اللبنانيّة»، إذ تتعدّى نسبة المتعاقدين بالساعة نسبة المتفرّغين. ويشير زيعور إلى أنّ عدد متعاقدي الجامعة يفوق 3 آلاف مقابل 1450 في الملاك، ويرجع السبب إلى إقفال باب التفرّغ منذ عام 1999، وهو ما جعل التعاقد الحل الأسرع لسد النقص.
    ففي كلّية العلوم، يبلغ عدد المتعاقدين ضعف عدد المتفرّغين،الأمر الذي اضطرّها إلى تعليق بعض المواد في العلوم الطبيعيّة في السنة الثانية بسبب افتقارها إلى أساتذة متفرّغين، وفي ظلّ عدم قدرة المتعاقد على «التلبية في أي وقت وبلوغ بعض الأساتذة سن التقاعد».
    وللحدّ من هذه الأزمات، يقترح أساتذة الكلّية مجموعة من الحلول التي لا يزال معظمها أسير «كواليس مجلس الوحدة»، فيما خرج أحدها إلى العلن باعتبار أنّ المطلوب من «حق طلّاب الكلّية» ويقضي بإرجاع «تعرفة المختبر والمكتبة إلى الجامعة بدلاً من إيداعها خزينة الحكومة».
    وبالنسبة إلى الحلول الأسيرة، طالب الأساتذة «بحصر أموال التجهيزات في صندوق خاصٍّ بالكلّية، وإجراء اختبار لطلّاب الثانوية العامّة واختيارهم على أساس علامات الشهادة، وزيادة أجر أستاذ «الساعة» نحو 50%، الأمر الذي يحفّزه على الحضور والمثابرة، وإنشاء مكتب للعلاقات الخارجيّة في الكلّية لتأمين الدعم لأبحاث الطلّاب و«تدريج» بعض القاعات في المبنى القديم وتخصيصها لطلّاب الماستر.
    ويبقى الحلّ النهائي بيد وزارة المال للإفراج عن «أموال الجامعة»، وإنصاف طلّابها المتفوّقين في الخارج.