فداء عيتاني
دعوات الأكثرية النيابية إلى الالتزام باتفاق الطائف وتنفيذ القرار 1701 قابلتها موافقة «لتنفيذ كل بنود اتفاق الطائف»، وهو ما يضمر ترحيل الحكومة الحالية والمجيء بحكومة اتحاد وطني. طبعاً لم يخلُ الامر من تساؤلات عن «الاسباب والذرائع» التي حالت دون تنفيذ الاتفاق المذكور لمدة 15 سنة.
وما دامت الدعوات تتوالى لتشكيل حكومة اتحاد وطني، فكيف يمكن رسم سيناريو رحيل الحكومة الحالية؟
بعض النواب يفقدون الارسال على اجهزتهم الخلوية حين توجه إليهم هذا السؤال، وبعض الاطراف يحرصون على عدم تقديم مستمسك للقوى الاخرى: «دعنا لا نورد الكلام عن اللجوء الى الشارع، فهم (قوى 14 آذار) ينتظرون انزلاقنا الى حديث مشابه» يقول احد النواب.
يمثّل اللقاء الوطني القوة الاكثر جذرية في عملية إطاحة الحكومة الحالية، فيما تحتفظ القوى الاخرى بصورة ألطف في عملية «تنحية الحكومة بالتراضي».
اللقاء يقوم بحركة حثيثة لإعداد خطة مشتركة مع حلفائه والعديد من الاحزاب لإسقاط الحكومة. الموقفان اللذان اطلقهما كل من حزب الله والتيار الوطني الحر أديا الى وقف تحضيرات اللقاء لمؤتمر سياسي موسع، وفي رأي مصادر اللقاء ان هذين الموقفين دفعا الامور الى الامام، وبات ممكناً الآن التنسيق لمجيء حكومة اتحاد وطني.
«جرت اتصالات بعدد كبير من القيادات السياسية» يقول خلدون الشريف عضو اللقاء الوطني، «الضغط الآن يجب ان يبدأ من الألف الى الياء لإسقاط الحكومة» ويؤكد ان «كل الوسائل متاحة لتحقيق هذا الضغط، بما فيها اللجوء الى الشارع».
النائب عن حزب الله حسن فضل الله يشير الى ما أدلى به الامين العام للحزب: «شرح السيد الاسباب التي تدفع الى تأليف حكومة اتحاد وطني ولا يأخذ البعض بنداً واحداً من الطائف ويدعو الى تطبيقه، منذ 15 سنة لم نؤلف هذه الحكومة (التي دعا إليها الطائف) وكانت هناك اسباب وذرائع، الآن ما هي الاسباب التي تمنع قيامها؟».
ويدقق فضل الله موقف حزبه «دعوتنا إلى حكومة وحدة لمشاركة الجميع فيها، ولا ندعو الآن الى إثارة مشكلة داخلية لرحيل الحكومة الحالية، بل ندعو الى مشاركة الجميع، ورحيل هذه الحكومة نطلبه بصورة توافقية».
ولحظة سؤاله عن مواقف اطراف اخرى يجيب بشكل عام: «من حق التيار الوطني، بما يمثّل من قوة شعبية كبيرة، ان يكون شريكاً أساسياً في الحكومة، ومن حقه استخدام الأساليب الديموقراطية في هذا السبيل، كما من حق اللقاء الوطني استخدام الاساليب الديموقراطية لتحقيق برنامجه السياسي».
النائب عن التيار الوطني الحر ابراهيم كنعان يؤكد ان التيار لم يدع لإسقاط الحكومة، «انطلقنا في مطالبتنا من ضرورة العودة الى جوهر الوفاق الوطني، اي الطائف وحكومة الاتحاد الوطني». ومقابل الحديث عن منطق الدولة يتساءل كنعان عن منطق السلطة الذي تستخدمه اطراف الاكثرية، وتعزيز منطق الدولة لا يكون فقط في قرار السلم والحرب بل «عبر تصحيح الخلل في النظام والتمثيل، ونسأل هل قانون الانتخابات (الذي اجريت على اساسه انتخابات الـ2005) مرتبط باتفاق الطائف؟ وهل الحكومة الحالية فيها اي منطق للشراكة؟ ولماذا التركيز على الثلث المعطل؟ وهل تهميش المسيحيين الذين يمثلهم التيار يخدم منطق تعزيز الدولة؟». يورد كنعان ما سبق ليؤكد ضرورة المجيء بحكومة اتحاد وطني تضع مشروعاً لبنانياً ـــ لبنانياً اضافة الى تصحيح الخلل التمثيلي.
ويرمي كنعان بالأسئلة الكبيرة امام الاكثرية: «ما هي خريطة الطريق اللبنانية» لتطبيق الـ1701، وهو ما يترتب عليه مستقبل المنطقة.
ورغم الطرح الواضح تجاه الحكومة الحالية يتمنى كنعان رحيلها «من خلال سيناريو طبيعي» أي ببساطة «يمكن ان تستقيل» او ان يتم الاتفاق على تأليف حكومة اخرى، وكل ما سيلجأ إليه التيار من اجل تحقيق هذا المطلب هو «الوسائل الديموقراطية والمتوافقة مع الدستور اللبناني». ويشدد كنعان على ان المطالبة بحكومة الاتحاد الوطني تأتي «في سياق رد إيجابي على مطالبة (قوى الاكثرية) بالالتزام بالطائف، وفي اطار التطلع الى حزب الله ليحقق منطق الدولة ايضاً عبر التزامه بهذا الاتفاق».
الحكومة المنشودة هي حكومة رسم خريطة الطريق لاسترداد الحقوق اللبنانية عبر القرار 1701، ولبناء الدولة القادرة التي تؤسس لحضور داخلي اقوى من حضور المحاور الدولية في لبنان، كما يراها كنعان.
الا ان كل هذه الدعوات لرحيل الحكومة تتوقف امام سؤال إنذاري تطرحه الاكثرية «ماذا لو رحلت ولم نتوافق على البديل؟».