صباح أيوبأبت قناة «أخبار المستقبل» أن تمرّ ذكرى الانسحاب السوري من لبنان مروراً إعلامياً عادياً، فخصصت محطّتين للاحتفال بالذكرى الرابعة على «الاستقلال الثاني» كما سمّتها: برنامج حواري على الهواء حمل شعار «سوريا خارج الحدود داخل لبنان» (تقديم نديم قطيش) ووثائقي في جزئه الثالث بعنوان «المحاولة الثالثة: سوريا في لبنان» (إعداد نجم الهاشم وإخراج جان عون). عناوين المحطتين عكست الازدواجية التي وقع فيها القيّمون والمشاركون في السهرة الخاصة. من جهة تريد «المستقبل» أن تذكّر بأنّ ثورة الاستقلال أخرجت السوريين من لبنان عام 2005، ومن جهة ثانية تريد أن تحذّر مشاهديها من أن السوريين أنفسهم ما زالوا في البلد (!). واستغلالاً لتوقيت الذكرى، اختُُصرت الرسائل التي أرادت الشاشة الزرقاء أن توصلها على أبواب الانتخابات النيابية برسالة هي: سوريا لم تخرج من لبنان بعد فلا تنتخبوا حلفاءها!
هواجس اقتربت حدّ الهوس بالوجود السوري، خيّمت على الحلقة التي استضافت عضو «حركة اليسار الديموقراطي» زياد ماجد (من باريس) وأستاذ العلاقات الدولية سامي نادر. محاولة قطيش تقسيم الحلقة إلى محاور «متنوعة» فشلت. إذ إنّ كل «التحليلات» دارت حول فكرة واحدة وصبّت بالنهاية في الانتخابات النيابية. ولإضافة بعض «الأكشن»، اعتمد قطيش أسلوب التشويق فكرر أنّ «الزميلة مهى ضاهر ستنضم إلينا لاحقاً من مكان ما...» إلى أن كُشف عن المفاجأة: «مهى في عنجر!!»، «أووفف» علّق الضيف في الاستوديو. وانتقلت الكاميرا إلى عنجر من أمام مكتب رستم غزالة حيث ذكّرت المراسلة بمزايا البلدة السياحية التي كانت منسية بسبب الوجود السوري. جولة سريعة في البلدة البقاعية واستطلاع لرأي السكان والجوّ العام السائد في التقرير: «خوف شديد في عنجر من الوجود السوري... السابق»!
قطيش الذي بشّر بـ«انسحاب آخر عناصر استخبارات النظام البعثي بعد انتفاضة الاستقلال» في بداية الحلقة، وقع في تناقض مع حليفه السياسي ماجد الذي أصرّ على «استمرار الوجود الاستخباراتي السوري كما الوجود السياسي الذي سيعود مع حلفاء سوريا إذا وصولوا إلى البرلمان».
«سيعودون إلى المجلس!» نبّه الضيفان بنبرة رعب «هيتشكوكية» طوال الحلقة. ماجد بدوره شكر القوى الأمنية لتفكيكها شبكات استخباراتية إسرائيلية لكنه سأل تلك القوى لماذا لا تكشف أيضاً عناصر الاستخبارات التي تعمل لمصلحة سوريا! الضيف الباريسي تجاهل بكل بساطة دور جميع الأجهزة الاستخباراتية الخارجية الأخرى وحصر انتقاص سيادة لبنان وتهديد أمنه بالاستخبارات السورية، مشككاً في دقّة عمل الأجهزة الأمنية اللبنانية. فكرة حصر كل الشرور بسوريا سادت أيضاً «تحليلات» نادر الذي أرجع حروب لبنان وحرب تموز وحرب العراق وحرب غزّة وانعدام الديموقراطية في المنطقة... إلى الدور السوري فقط. وجاء الوثائقي بعد الحلقة ليكمل الصورة التي رسمها قطيش وضيوفه، فلم يقدّم سوى نظرة قادة 14 آذار لتاريخ لبنان الحديث.