لا تستكين آلة الحرب الصهيونية الناعمة حتّى تنتقم من كلّ مَن يعارضها وتهمة «معاداة السامية» جاهزة لإلصاقها بكلّ مَن يضرّ بمصالحها العالمية. في هذا السياق، تجدّدت الحملة على عرّاب السينما الأوروبية النضالية كين لوتش (1936) استكمالاً للمسار المشين الذي تسبّب في إطاحة رئيس حزب العمّال البريطاني السابق جيريمي كوربين عام 2021 تحت حجج «معاداة السامية» الواهية، إلى جانب طرد عدد كبير من مؤيّديه من الحزب من بينهم لوتش نفسه. المخرج اليساري الملتزم، المعروف بأفلامه التي تنقل واقع الطبقة العاملة، موجّهاً نقداً قاسياً للنظام الرأسمالي، لا يفوّت فرصة لمناهضة العنصرية ومساندة الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الصهيوني، كما أنّه أحد أشرس المؤيدين لـ«الحملة الفلسطينية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل»، ما جعله هدفاً دائماً للمكارثية الصهيونية. هكذا، قرّرت مجموعة الضغط «الحملة على معاداة السامية» (CAA) شنّ حملة على «هيئة الإذاعة البريطانية» (BBC) بسبب عمل الأخيرة مع شركة إنتاج تابعة للوتش على فيلم جديد له. علماً أنّ شركة Loach Sixteen Films أبرمت شراكة مع BBC Film للعمل على فيلم بعنوان Downtrodden.في رسالة إلكترونية وصفها لوتش بـ «المهينة»، هاجمت «الحملة» المخرج المعروف، معتبرةً أنّه «منكر لمعاداة السامية». وفي بيانها، أوردت: «لقد كان كين لوتش مروّعاً في إنكاره لمعاداة السامية، ليس فقط في سنوات قيادة جيريمي كوربين لحزب العمال، بل بعد فترة طويلة من إيجاد «لجنة المساواة وحقوق الإنسان» أدلّة على معاداة السامية واعتراف حزب العمّال بذلك. حتّى حزب العمّال تخلّى عنه، فلماذا يعتقد أحد أنّه لا يزال شريكاً مقبولاً لـ BBC؟».
تعليقاً له على اتّهامات CAA، قال كين لوتش لوكالة PA الإخبارية إنّ البيان «إساءة من مجموعة ضغط ولا أساس له من الصحة. لقد أجبت على هذه الادّعاءات مرّات عدّة. هناك أسئلة مهمّة يجب طرحها على CAA عندما تشنّ هذه الهجمات المزعجة. لديهم أجندة سياسية، ومن الواضح أنّهم لا يمثّلون كلّ اليهود، ربّما فقط أقلّية. هم لا يتحدّونني بشكل مباشر أبداً، بل يسعون إلى الإضرار بحياتي المهنية ومضايقتي فقط». ووصف لوتش نفسه بأنّه «هدف» لمجموعات ضغط مثل CAA لأنّه معروف بكونه «يسارياً وداعماً لحقوق الفلسطينيّين». كما نفى عمله كمنتج في الفيلم المذكور، قائلاً: «معلومات CAA مغلوطة. لست منتجاً لفيلم Downtrodden ولا أشارك في إنتاجه. Sixteen Films شركة إنتاج تعمل مع العديد من المخرجين».
وصف لوتش نفسه بأنّه «هدف» لهذه المجموعات كونه «يسارياً وداعماً لحقوق الفلسطينيّين»

ليست المرة الأولى التي تحاول مجموعات الضغط الصهيونية محاصرة مخرج «الرياح التي تهز الشعير». في عام 2021، شنّت شخصيات وطلاب يهود حملةً على «جامعة أوكسفورد» لاستضافتها لقاء افتراضياً مع لوتش بدعوى «معاداة السامية». وقبل ذلك، مارس «مجلس نواب اليهود البريطانيين» عام 2020 ضغوطاً على جمعية Show Racism the Red Card الخيرية في محاولة لإخراج لوتش من لجنة تحكيم مسابقتها الفنية الموجّهة للأطفال. لكنّ كل هذه المحاولات فشلت لغاية اليوم، وما زال ناقل معاناة الطبقة العاملة على الشاشة الكبيرة، منحازاً للقضايا الإنسانية والسياسية التي اتسمت بها مسيرته الإبداعية والشخصية على السواء.