على عكس الافتتاح الرسمي الذي أقامته شبكة «دويتشه فيله» الألمانية (DW) في عام 2019 للإعلان عن مكتبها في بيروت، شهدت العاصمة اللبنانية أخيراً إعادة افتتاح مقرّ المحطة الألمانية في سرّية تامة. وسط تكتّم شديد وغياب الحضور الرسمي اللبناني والسياسي عن المناسبة، كشفت الشبكة الألمانية عن مشروعها الجديد في بيروت، بحضور عدد من موظفيها وتغييب وسائل الإعلام، حتى إنّها لم توزّع بياناً صحافياً حول المناسبة.
(تجيرد روياردز ـ هولندا)

هذا التعتيم حول إعادة افتتاح المكتب البيروتي لـ DW يطرح علامات استفهام كثيرة، وخصوصاً أنّ الشبكة كانت قد وضعت على رأس أولوياتها عام 2019، تعزيز مكتبها في بيروت وتحويله مركزاً أساسياً بين الدول العربية. نتج عن تلك الخطوة افتتاح المكتب تخلّلته سهرة أقيمت في وسط بيروت وحضرتها شخصيات سياسية وإعلامية بارزة، أعلن خلالها عن تعيين باسل العريضي مديراً لـ DW في بيروت. يومها، افتُتح المكتب في منطقة الطيونة، وتعاقد مع عدد من الإعلاميين، لتوسيع حضور القناة في بيروت، ويصبح مكتبها هناك الأهم في العالم العربي.
لكن حالة الهدوء لم تدم طويلاً في مكتب DW في بيروت. في عام 2021، أجرت القناة عملية تطهير لمجموعة كبيرة من موظفيها المناصرين للقضية الفلسطينية في لبنان وخارجه، بدعوى «معاداة السامية». شماعة استعملتها الشبكة لكتم أصوات كل صوت معارض للاحتلال الإسرائيلي، على رأسهم باسل العريضي الذي صُرف بشكل تعسفي. أتت تلك الخطوة بعدما أجرت القناة الألمانية عمليّة تجسّس واسعة (على طريقة صيد الساحرات) على صفحات موظفيها على مواقع التواصل الاجتماعي، والعودة إلى تغريدات قديمة لهم سجّلوا فيها وقوفهم إلى جانب القضية الفلسطينية ضد العدو الإسرائيلي، حتى لو لم تكن تلك المواقف خلال عملهم في القناة التي ترفع شعار الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير (الأخبار 9/12/2021).
في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أنّ مكتب الشبكة نُقل إلى الأشرفية، بسبب بعض الأحداث الدموية التي شهدتها الطيونة قبل عامين. وتشير إلى أنّ احتفال إعادة افتتاح مكتب DW في العاصمة، اقتصر على وفد صغير من موظفي القناة الألمانية، إلى جانب الموظفين على رأسهم المدير الجديد لـ DW في بيروت محمد شريتح الذي عُيّن خلفاً للعريضي. علماً أنّ الشبكة ألزمت موظفيها في لبنان ضمن شروط التقدّم للوظيفة على أن «يعترف الصحافي بحقّ إسرائيل في الوجود، ولا يكون معادياً للسامية». شرط هو مخالف في الأساس للقوانين اللبنانية!
وتوضح المعلومات أن الأحداث التي شهدتها القناة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، أجبرتها على عدم الإعلان الرسمي عن مكتبها في بيروت، تحسباً لأي ردّة فعل على صفحات السوشال ميديا. وتشير المصادر إلى أن المحطة الناطقة بالعربية، تعمل حالياً بشكل سري، وقررت توسيع أنشطتها في بيروت والتعاقد مع مروحة من الإعلاميين. على أن يُكشف قريباً عن المخطط عبر مجموعة برامج.
على الضفة نفسها، تُشير المصادر إلى أنّ إعادة مكتب بيروت، أمر يعني أنّ الشبكة عادت لتولي أهمية للأحداث اللبنانية بعدما خفّ اهتمامها بها في العامين الأخيرين وقلّصت ميزانية مكتبها هناك. وتكشف المعلومات أن افتتاح المكتب رافقه تعزيز مكتب DW في تونس، إلى جانب مكتب واسع لها في فلسطين المحتلة. في المقابل، فعّلت القناة الألمانية تعاقدها مع قناة «الجديد» مجدداً، والنتيجة تصوير مجموعة من البرامج في الأسابيع الماضية ستُعرض على شاشة ومنصات القناة الألمانية.
باختصار، تعود DW إلى بيروت معززة بمشاريع إعلامية جديدة، فكيف سيكون انعكاس تلك الخطوة على سياستها الترهيبيّة ضد كل من يقف إلى جانب القضية الفلسطينية؟