يتزايد السخط العالمي من تقييد منصات التواصل الاجتماعي المحتوى المتعلّق بالقضية الفلسطينية. قبل أيام، تبادل وزير الاتصالات الماليزي، فهمي فضل، الاتهامات مع شركتي ميتا وتيك توك، متهماً إيّاهما بحظر المحتوى المؤيد للفلسطينيين، ومعبّراً عن مخاوف بلاده من هذا الأمر، ومحذّراً من إمكانية اتخاذ إجراءات حازمة ضدّهما. منذ عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي، أفاد مستخدمو فايسبوك وإنستغرام بأنّ منشوراتهم حول الحرب الإسرائيلية على غزة أصبحت غير ظاهرة (shadow ban)، ما أدى إلى حصولها على مشاهدات أقل بكثير من المحتوى المغاير. وفي 13 تشرين الأوّل، نشرت شركة ميتا بياناً حول جهودها المستمرة في ما يتعلق بـ «الحرب بين إسرائيل وحماس»، نفت فيه المزاعم المرتبطة بأنّها «تتعمّد قمع الصوت» الفلسطيني. وادعت أنّ الإجراءات التي طبّقتها كانت فقط لمعالجة الزيادة الكبيرة في «المحتوى الضار والمحتمل أن يكون ضارّاً» على منصاتها المختلفة، بما في ذلك فايسبوك وإنستغرام. وأشارت إلى أنّ هذه الإجراءات تُطبَّق على نحو «خطأ» أحياناً. مع ذلك، فقد كرّرت أنّ «المحتوى الذي يتضمّن مديحاً لحماس، التي صنفتها ميتا كمنظمة خطيرة، أو المحتوى العنيف والمصوّر، غير مسموح به على منصاتنا».في تقرير نشرته «رويترز» في الـ27 من الشهر الحالي، أوضحت الوكالة أنّ شركة ميتا أزالت أو صنّفت ما يقرب من 800 ألف منشور باللغتين العربية والعبرية في غضون ثلاثة أيام. وفي السياق نفسه، ذكر التقرير أنّ تيك توك أزال أكثر من 775 ألف مقطع فيديو و14 ألف بث مصوّر مباشر منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى». ووفقاً لصحيفة «ذا غارديان» البريطانية، وثّقت مجموعة «حملة» لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من 238 حالة قمع ضد المحتوى المؤيد لفلسطين في الأسابيع الأخيرة.
بالنسبة إلى ماليزيا، شدّد الوزير فهمي فضل على أهمية حرية التعبير، خصوصاً في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، مؤكداً أنّ للماليزيين الحق في التعبير عن آرائهم حولها. وكجزء من جهوده لمعالجة هذه المخاوف، يخطّط للقاء ممثلي تيك توك في الأسبوع الحالي لمناقشة الأمر. علماً أنّ المنصة رفضت الاتهامات الماليزية بحظر المحتوى المؤيد للفلسطينيين، وقالت يوم الجمعة الماضي إنّ «لا أساس لها من الصحة». من جانبها، ردّت ميتا بنفي أي قمع متعمَّد للأصوات على منصتها فايسبوك، مؤكدة أنّ سياساتها مُصمّمة لضمان «سلامة المستخدم مع منح الجميع صوتاً». المشكلة مع تلك المنصات، أنّها تتماهى مع المصطلحات الغربية التي تعتبر حركة «حماس» منظمة «إرهابية». نتيجة لذلك، يُحظّر المحتوى المؤيد للحركة، ويُستخدم مزيج من المراجعة البشرية أو الخوارزميات لإزالة المواد البصرية المنشورة المرتبطة بـ «حماس» أو تصنيفها. لكن ذلك لا يعني أنّه يجب ترك تلك المنصات تنصاع إلى السردية الغربية. تيك توك يحوي 1.5 مليار مستخدم، ومنصات ميتا المختلفة تحوي أكثر من 3 مليارات. بالتالي، هي تحجب قضية الشعب الفلسطيني عن أكثر من نصف سكان الأرض، ما يقيّد عملية تشكيل رأي عام عالمي ضاغط مناصر لفلسطين. وهذا قد يصل إلى مستوى الشراكة في جريمة إبادة سكان غزة المحاصرين من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
اتّهمت ماليزيا تيك توك بقمع المؤيدين لفلسطين


التطوّر الأخير ليس المثال الأوّل الذي يواجه فيه تيك توك التدقيق في ماليزيا. قبل بضعة أسابيع فقط، صرّح وزير الاتصالات الماليزي أنّ تيك توك لم تمتثل بصورة كاملة لقوانين البلاد، ولم تفعل ما يكفي للحد من المحتوى التشهيري أو المضلّل. ورداً على ذلك، تعهدت تيك توك باتخاذ تدابير استباقية لمعالجة القضايا المثارة.
في عصر الديجيتال، تُنشر المعلومات والآراء عبر الإنترنت بوتيرة غير مسبوقة، ولم يعد من المقبول أبداً أن يتركز كل هذا القدر من السلطة لدى منصات التواصل الاجتماعي. يجب الدفع بمنصات جديدة، مثل «بلو سكاي»، القائمة على لا مركزية البيانات، وهي خدمة مبينة عبر تقنية «بلوكتشاين».