مرّت ساعات على الجريمة قبل وصولها إلى غالبية اللبنانيّين. باستثناء مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار العاجلة لبعض القنوات عبر هذه المنصات، لم يرفّ جفن أيّ من القنوات على الجريمة التي ارتكبها العدوّ بحقّ ثلاث فتيات وامرأتَين في سيّارة مدنية على طريق عيناتا ــ عيترون مساء أوّل من أمس الأحد.

وفيما اكتفت «الجديد» بإذاعة الخبر في موجز أخبارها عند الساعة الخامسة والنصف مساءً، ثمّ وضع خبر عاجل على الشاشة لدقائق معدودة فقط. وحدها قناة «الميادين» كانت تنقل الحدث مباشرةً عبر هوائها، قبل أن تلتحق بها «المنار» التي تغطّي الأحداث طوال ساعات النهار، فبثّت أيضاً ردّ المقاومة الإسلامية على الجريمة بقصف مستوطنة «كريات شمونة» في ما بعد. وكان لافتاً نقل قنوات عربية لمشاهد قصف المستوطنة بما فيها «العربية» و«الحدث»، لكن مع استثناءات. إذ نسبت قناة «العربي» الهجوم إلى «كتائب القسّام» في لبنان رغم أنّه كان من توقيع «حزب الله»، فيما نزعت «الجزيرة» صفة «الشهادة» عن الضحايا الخمس، رغم أنّها تستخدمها لشهداء غزّة، ما دفع اللبنانيّين إلى التساؤل عن سبب التمييز بما أنّ دماء الشهداء تمتزج على طريق القدس بغضّ النظر عن مكان استشهادهم.
حلّت الساعة الثامنة إلّا ربعاً، فأفاقت القنوات المحلّية من سباتها. بنظرها، قصف مدنيّين على الأراضي اللبنانية لا يستدعي أولوية أكبر من العنوان الأوّل على نشرات أخبارها، مثل أيّ خبر آخر يتصدّر العناوين. عوّضت «تقصيرها» بلهجة «حازمة» تجاه العدوّ، وتأكّدت من استخدام مصطلح «استشهاد» الذي يشكّل مشكلة طويلة لبعضها رغم الانتقادات الكثيرة التي تطاله، ولا سيّما في المدة الأخيرة. وفيما أذاعت القنوات الخبر في مقدّمات نشرات أخبارها، لم تتطرّق إليه «الجديد» وLBCI في مقدّمتَيهما رغم أنّهما كانتا متعلّقتَين بالأحداث في فلسطين. لكنّ القناتَين ما لبثتا أن ذهبتا إلى الرسائل المباشرة حول الجريمة، فيما استمعت LBCI إلى الصحافي حسين أيّوب، خال والدة الأطفال الثلاثة، الذي تعود إليه السيارة إليه أيضاً.
أمّا mtv فبدأت مقدّمتها بذكر الجريمة والتذكير بجرائم العدوّ بحقّ لبنان: «من غزّة إلى لبنان: إسرائيل تواصل خرق كلّ أصول الحرب، بل حتّى كلّ قواعد الإنسانية. عصراً استهدف الجيش الإسرائيلي بقصفه سيّارة بين بلدتَي عيناتا وعيترون، ما أدّى إلى استشهاد جدّة وثلاثة أولاد، كما أنّ الوضع الصحّي للأمّ خطر. إنّها جريمة جديدة تضاف إلى السجلّ الإجرامي لإسرائيل تجاه لبنان». وتعرّضت القناة للانتقاد صباح أمس الإثنين بعد نشرها على صفحاتها الافتراضية خبراً غير دقيق مفاده: «وفاة الأمّ التي استشهد أولادها الثلاثة أمس في القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان»، قبل أن تعود وتحذفه وتصحّح الخطأ بخبر آخر: «معلومات mtv: تبيّن أنّ والدة الأطفال الثلاثة لم تمُت وتشييع الأطفال سيُقام غداً بانتظار عودة والدهم من ساحل العاج».
وبدأت OTV مقدّمة نشرتها مساء الأحد قائلةً: «إنّ كلّ حروف الأبجدية والكلمات والعبارات لم تعُد تكفي لوصف همجية إسرائيل، لم يعُد يكفي لوصف الوحشية التي يتعامل بها هذا الكيان، بالتحديد مع الأطفال. فكأنّما يختزن في داخله ضدّهم حقداً دفيناً، لا يفسّره أيّ شرح، ولا تبرّره أيّ ذريعة. فلا الكلام عن خطأ يُجدي، ولا كذبة اختباء المخرّبين خلفهم تنفع. بعد أطفال غزّة، جاء اليوم دور أطفال لبنان، عبر استهداف سيارات مدنية في عيناتا».