أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أمس، قرب الإفراج عن عميد الأسرى في السجون الإسرائيلية سمير القنطار وبقيّة الأسرى اللبنانيين، من دون تقديم أي تفاصيل، وهو ما أصرّ عليه مسؤولون في الحزب قالوا إن الملف بيد السيد نصر الله وحده، وهو قرّر هذا المقدار من المعلومات. لكن «الأخبار» علمت من مصادر مطّلعة أن تطورات جدية برزت في الآونة الأخيرة على مسار التفاوض الذي يقوده وسيط ألماني يعمل مستشاراً عند الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقالت المصادر إنه بعدما حاول الإسرائيليون في فترة سابقة إبقاء ملف الأسير القنطار مرتبطاً بملف مساعد الطيار المفقود رون آراد، أبلغ حزب الله الوسيط أنه ليس بوارد تكرار التجربة السابقة وتجزئة الملف، وأنه لن يكون هناك تبادل لا يشمل القنطار. وهو الأمر الذي أدركه الوسيط وعمل على إقناع الجانب الإسرائيلي به، وخصوصاً أن حزب الله أظهر مراراً أنه بذل جهوداً جبّارة في رحلة البحث عن آراد.
وأوضحت المصادر أن الوسيط الألماني تبلّغ أخيراً من مسؤول ملف الأسرى الإسرائيلي عوفر ديكل موافقة رئيس الحكومة الإسرائليية إيهود أولمرت على إطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين: سمير القنطار، نسيم نسر، حسين سليمان، ماهر كوراني ومحمد سرور، وتسليم أجساد عشرة مقاومين استشهدوا خلال عدوان تموز، مقابل الإفراج عن الأسيرين الإسرائيليين إيهود غولدفاسر وألداد ريغيف اللذين أسرا في عملية الوعد الصادق في 12 تموز 2006.
وبينما شددت وسائل إعلامية إسرائيلية على أن الصفقة قد تقتصر على أسرى لبنانيين، قالت المصادر المطّلعة لـ«الأخبار» إن حزب الله لم يوافق على هذه الصيغة، وإن لديه طرقاً تتيح له التوصل إلى صفقة مرضية، وهو الذي كان لمّح مراراً، على لسان أمينه العام، إلى أن الحزب يعمل لإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين ومن جنسيات عربية أخرى.
ونقلت وكالة فرانس برس، أمس، عن الزميل بسام القنطار، شقيق الأسير سمير، أنه «أبلغت أن أمراً إيجابياً سيحصل لشقيقي ولجميع المعتقلين في السجون الإسرائيلية في غضون شهر». وأضاف «هناك إشارات إيجابية على هذا الصعيد». وفي إسرائيل، لزم الجانب الرسمي الصمت، لكن وسائل الإعلام تابعت باهتمام تصريحات نصر الله بشأن الأسرى. وذكرت إذاعة الجيش أن إسرائيل على استعداد للإفراج عن خمسة معتقلين لبنانيين، مقابل تسليمها الجنديين. أما وكالة الصحافة الفرنسية فقد نقلت عن مسؤول إسرائيلي رفض الكشف عن هويته أن الطرفين يبدوان على استعداد لتقديم تنازلات.
ورفضت مصادر إسرائيلية لصحيفة «هآرتس» الإدلاء بأية تفاصيل عن وضع الجنديين الإسرائيليين، علماً بأن تقريراً طبياً أعدّه الجيش الإسرائيلي غداة عملية الأسر كان قد توصل إلى استنتاج إصابتهما بجراح خطرة لدى وقوعهما في الأسر. وأضافت المصادر نفسها أن عدم إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيليية يمكن أن يلمّح إلى وضع الجنديين الإسرائيليين، في إشارة ضمنية إلى احتمال وفاتهما.
وكانت تقارير إسرائيلية قد تحدثت قبل نحو شهرين عن نقاش جدي يدور داخل المؤسسة الأمنية حول إعلان وفاة الجنديين الأسيرين لدى حزب الله. وأفادت التقارير في حينه أن أولمرت وقادة المؤسسة الأمنية يميلون نحو هذا الطرح، إلا أن الحاخامية العسكرية لم توافق عليه لأسباب تتعلق بأحكام دينية تحتم وجود أدلة حسية حتى تتمكن، من ناحية شرعية، من إعلان الوفاة.
وقالت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إن هناك تقدماً حصل في مفاوضات التبادل يتمثل في تحديد إطارها. إلا أن القناة أضافت أن هذا التقدم لا يعني أن تنفيذها سيتم خلال أيام أو حتى أسابيع. وذكر معلّقون إسرائيليون أن تقدير الوضع الحالي بالنسبة إلى مفاوضات التبادل يشير إلى وجودها في محطة مفصلية، معتبرين أن المسألة رهن برد حزب الله على العرض الإسرائيلي الأخير، وهو رد سيؤدي إما إلى حلحلة الأمور أو إلى المماطلة لوقت طويل.
(الأخبار)