strong>الأسد أكّد له الاستعداد لـ«مواصلة التعاون» في كلّ ما يحقّق استقرار المنطقة فعّل رئيس الوزراء التركي، رجب طيّب أردوغان، السبت الماضي، وساطته بين إسرائيل وسوريا، بعد زيارته إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أعلن استعداد بلاده «لمواصلة التعاون مع تركيا» في هذا المجال، فيما ذكر دبلوماسي إسرائيلي في أنقرة أن لقاءات أكاديمية سوريّة ــــ إسرائيلية قد تبدأ في المرحلة المقبلة. وذكرت وكالة الأنباء السوريّة «سانا»، بعد لقاء الأسد وأردوغان السبت، أن الزعيمين بحثا «سبل تفعيل عملية السلام العادل والشامل» في المنطقة، واتفقا على «استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين في شأن المسائل المطروحة على مختلف المستويات».
وأضافت الوكالة أن الأسد أشاد «بالجهود التي تبذلها تركيا في هذا الصدد، وعبّر عن استعداد سوريا لمواصلة التعاون مع تركيا في كل ما يحقق أمن واستقرار المنطقة».
كما تطرّق أردوغان والأسد في لقائهما إلى «الأوضاع الراهنة في المنطقة، وخاصة في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية»، إضافة إلى «العلاقات المتميّزة بين البلدين الصديقين»، وعلى الأخص الاقتصادي منها، بحسب الوكالة. وأعرب أردوغان «عن ارتياحه العميق لنتائج المحادثات الإيجابية والمثمرة التي أجراها مع الرئيس الأسد».
وإثر عودته إلى تركيا، أعلن أردوغان أن أنقرة ستواصل جهودها من أجل السلام، وسترسل موفداً إلى إسرائيل، من دون أن يذكر اسمه أو تاريخ زيارته إلى الدولة العبرية. ورداً على سؤال عما إذا كان يأمل التوصل إلى نتيجة ملموسة، قال أردوغان: «لا يمكن أن نباشر القيام بجهد من هذا النوع إذا لم يكن لدينا أمل» بنجاحه.
وأضاف رئيس الوزراء التركي، في مؤتمر صحافي في مطار أنقرة، أن «جو الثقة خلق ظروفاً تسمح بتدخّل تركيا كوسيط». وتابع: «إن شاء الله، ستسهم دبلوماسيتنا النشطة في التحسينات المنتظرة بين سوريا وإسرائيل».
بدوره، أعلن وزير الخارجية التركي علي باباجان، أمس، أنه يتعيّن إنجاز الكثير قبل التوصل إلى اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل. ونقل موقع صحيفة «حرييت» عن الوزير التركي قوله إن التوصل إلى اتفاق يتطلب «تصميماً سياسياً قوياً» من الطرفين. وأضاف أن تركيا ستقوم بنقل الرسائل بين الجانبين إلى أن يصبحا مستعدين للاجتماع، مشيراً إلى أن «المحادثات ستستمر عبر تركيا لفترة من الزمن». وتابع: «عندما ينضج الوضع أكثر، آمل أن يستطيع الجانبان الاجتماع معاً».
وفي السياق، أشار سفير إسرائيل في تركيا، غابي ليفي، إلى أن مفاوضات سلام على مراحل قد تبدأ بين إسرائيل وسوريا بوساطة تركية. وقال للإذاعة الإسرائيلية العامة، أول من أمس، إن «المرحلة الأولى سيتولاها موظفون عاديون وتكنوقراط، وإذا سارت الأمور في الاتجاه الصحيح، وأفضت إلى نتيجة، يمكننا توقّع أن تتواصل المباحثات على مستوى أعلى بكثير».
وأضاف الدبلوماسي «لا يمكنني إعطاء تفاصيل عن العملية التي أطلقت حالياً مع الجانب السوري»، مشيراً إلى أن «الاتراك يريدون المشاركة فعلياً في هذه العملية. سبق أن ساعدونا مرات عديدة... إنهم يتمتعون بنفوذ في المنطقة وفي العالم الإسلامي. يمكنهم المساعدة، لكنهم لا يستطيعون قيادة عملية» سلام.
وتابع ليفي أن «الأتراك يعتقدون بأن قوة مثل الولايات المتحدة أو كتلة مثل الاتحاد الأوروبي لها وحدها قدرات اقتصادية لدعم مثل هذه العملية، لكنهم يظنون أنهم قادرون على المساهمة (في هذه العملية) بسبب وضعهم الخاص».
وفي السياق، قال الكاتب في صحيفة «توركيش دايلي نيوز»، يوسف كانلي، إن «أردوغان قرّر مواجهة المصاعب الداخليّة التي تواجه حكومته وحزبه، في الخارج، من خلال القول لخصومه العلمانيّين والعسكر، إنّه بات شخصيّة دوليّة قادرة على جمع الأعداء (السوريّين والإسرائيليين)، وبالتالي أصبح وجوده في منصبه ضرورة دوليّة إقليميّة لا غنى عنها».
وأقام كانلي مقارنة معبّرة بين رفض أردوغان لدعوات رئيس حزب «الشعب الجمهوري» المعارض إلى الحوار في الملفات الداخلية الخلافيّة، واندفاعه لتأدية دور الوسيط الشرق أوسطي، في واحدة من أعقد المهمّات في المنطقة والعالم.
وأبرز ما يلفت إليه الكاتب التركي، هو الجزم بأنّ فكرة الوساطة بين دمشق وتل أبيب، ليست سوى نتاج العقل المدبّر للسياسة التركيّة الخارجيّة، أحمد داوود أوغلو، الذي رافق أردوغان في زيارته السوريّة يوم السبت الماضي.
ووصف كانلي داوود أوغلو بأنه «العثماني الجديد» الذي يسعى لاستعادة أمجاد الإمبراطوريّة العثمانيّة، من خلال عودة أنقرة إلى عالمها الإسلامي من الباب العريض.
(الأخبار, رويترز، أ ب، يو بي آي)