strong>جدول الحوار يركز على حكومة الوحدة وإعادة بناء منظمة التحرير وتفعيلها وتعميق الوفاق الوطني
أجمع المشاركون في مؤتمر الحوار الفلسطيني في مكة، الذي افتتح أمس، على عدم المغادرة قبل الوصول إلى اتفاق شامل، يخرج القضية الفلسطينية من أزمتها الداخلية، وهو ما أثار أجواء تفاؤلية بإمكان خروج المجتمعين باتفاق حكومة وحدة وطنية فلسطينية.
وافتتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، جلسات الحوار، بحضور الملك السعودي عبد الله، مشدداً على أن «جولة محادثات مكة لا يمكن لها أن تنتهي من دون التوصل إلى اتفاق، وأنه عاقد العزم على عدم العودة إلى الأراضي الفلسطينية من دون التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى وقف نزف الدم الفلسطيني والاقتتال». وأشار إلى ضرورة «تشكيل حكومة وحدة تخلّصنا من الحصار الدولي المفروض علينا». ووصف العنف بين الفصيلين بأنه كارثة و«أيام سوداء» لا يريد أي فلسطيني رؤيتها تتكرر.
وحدّد عباس جدول أعمال الحوار، ويتضمّن تأليف حكومة الوحدة، وأسس المشاركة فيها، وإعادة بناء منظمة التحرير وتفعيلها، وتعميق الوفاق الوطني. وقال، موجهاً حديثه إلى الفلسطينيين، «أبشروا وسنتفق ويجب أن نعيش ونعمل مع بعضنا من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني».
بدوره، أعرب مشعل عن أمله بالتوحد لأنه «ليس أمامنا إلا أن نتّفق ونحن نواجه هموماً كبيرة، وآن الاوان لأن نتخلص من الاحتلال الاسرائيلي وأن نعيش كباقي الشعوب في العالم بحرية، وعودة مهجرينا إلى الأراضي المحتلة».
ودعا مشعل المجتمع الدولي إلى «رفع حصاره الظالم عن الشعب الفلسطيني». وشدد على ضرورة «تشكيل الحكومة من الشراكة الوطنية والمصالحة الوطنية، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والبيت الفلسطيني».
وبعث مشعل برسالة اطمئنان إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية. وقال: «لن نبرح المكان إلا متفقين»، مضيفاً: «جئنا من أجل قضية الأقصى والقدس، والعدو يستغل ظروفاً كثيرة ليتقدم بهذه الخطوات الاعتدائية على مقدساتنا وأرضنا المباركة». وشدد على ضرورة التوحد وتحقيق الشراكة السياسية للانطلاق نحو الأهداف والهموم. وقال إن «المجتمع الدولي، إذا وجدنا موحدين، سيحترم إراداتنا».
وأضاف مشعل أن «حماس أصدرت تعليماتها للجميع في الميدان بأن يقفوا عن الاقتتال». وقال: «جئنا إلى هذا المكان إرضاء لله، ثم من أجل شعبنا الذي يقاسي ويعاني الكثير تحت الاحتلال، ومن أجل أسرانا وأسيراتنا الذين يتطلعون إلى وحدتنا وإلى انطلاقة جديدة للعمل الفلسطيني ووفاء للشهداء ومن أجل الجرحى ومن أجل أخواتنا وإخواننا في الشتات ومن أجل أمتنا العربية والإسلامية الذين ساءهم اختلافنا السياسي والميداني وما نزف من دماء».
وقبيل طلب عباس من وسائل الإعلام الخروج من قاعة الاجتماعات، استوقفه رئيس الوزراء إسماعيل هنية ليلقي كلمته أمام الحضور، فأعرب عن أمله في التوصّل إلى اتفاق ينهي المعاناة وحقن الدماء الفلسطينية.
وأشار هنية إلى التعددية السياسية بين الفلسطينيين والمواقف والاجتهادات المختلفة، مشدداً على أن «الهدف الفلسطيني واحد ويتمثل بدولة فلسطينية كاملة السيادة وعودة القدس واللاجئين والإفراج عن الأسرى». ودعا إلى ضرورة «التوصل إلى اتفاق شامل يطوي كل القضايا الخلافية، وألا يكون مجتزأً فقط بإنهاء حالة الاحتقان داخل الساحة الفلسطينية».
وقال هنية: «إننا لن نرجع إلى فلسطين ليضرب بعضنا رقاب بعض على الإطلاق، سنعود ونحن نحمل بشارات تضمّد الجراح. تنهي المأساة والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني».
وقال هنية: «إن فلسطين ليست هماً فلسطينياً، ولكنها هم عربي. نحن أحوج إلى ميثاق شرف لنؤكد أن دماءنا حرام علينا جميعاً. نريد أن نؤكد أننا لن نعود من هذا الحوار إلا وحقنت الدماء الفلسطينية». وأضاف أن «القدس التي تهوّد هي أمانة في أعناقنا جميعاً، أمانة في أعناق الأمة كي تنهض لحماية القدس».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر فلسطينية قولها إن المتحاورين اتفقوا على تعيين خالد مشعل نائباً لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس. إلا أن تفاصيل إضافية لم ترد في الخبر غير المؤكد.
ويعقد الاجتماع في قصر الصفا المطل على الحرم المكي، وهو القصر الذي يستقبل فيه الملك السعودي ضيوفه. وسيقيم وفدا «فتح» و«حماس» فيه.
وأعلن السفير الفلسطيني في السعودية، جمال الشوبكي، أن عباس ومشعل وصلا في سيارة واحدة إلى مكة.
وبحسب المستشار الرئاسي نبيل عمرو، فإن «جلسات الحوار ستكون مغلقة وبعيدة عن وسائل الإعلام، ولن تبدأ من الصفر، لكي لا نضيع وقتاً في قضايا تم التحاور في شأنها»، مشيراً إلى أنه «سيتم العمل على ضغط مدة الحوار إلى أقل حيز من الزمن وإنجاز النقاط العالقة في خصوص البرنامج السياسي والالتزامات الدولية والتركيبة الوزارية». وتوقّع أن تستمر جلسات الحوار على مدار يومين بمشاركة فاعلة من عباس، وقادة حركة «حماس».
وتوقّع المتحدث باسم حركة «فتح» أحمد عبد الرحمن، نجاح حوار مكة في التوصل إلى اتفاق في شأن حكومة الوحدة الوطنية. ورأى أن «الذين يثيرون التشاؤم حول الحوار يصطادون في الماء العكر».
ووصف الأمين العام للمبادرة الوطنية، النائب مصطفى البرغوثي، حوار مكة بأنه عكس «ظواهر إيجابية وبناءة» منذ البداية، معبراً عن أمله في انتهائه قريباً بإعلان تأليف حكومة وحدة وطنية.
وقال البرغوثي، لـ«الأخبار»، إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، التي تمنى فيها عدم نجاح الحوار في مكة، بمثابة دافع قوي للمتحاورين من أجل إفشال الرغبة الإسرائيلية التي لا تصب في الصالح الفلسطيني.
وعكست تصريحات أطراف الحوار في مكة، أجواء من التفاؤل في الشارع الفلسطيني.
ونجحت الحركتان في تطويق حادثة مقتل القائد في “كتائب عز الدين القسام”، الذراع العسكري لحركة “حماس” محمد أبو كرش مساء الثلاثاء في غزة، رغم تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن الحادث.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، د ب أ)


لن نرجع إلى فلسطين ليضرب بعضنا رقاب بعض على الإطلاق، سنعود ونحن نحمل بشارات تضمّد الجراح تنهي المأساة والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني