strong>مؤشرات كسر الحصار الدولي على الحكومة الفلسطينية، ولو جزئياً، بدأت تتجلى يوماً بعد يوم، حتى من جانب الإدارة الأميركية، وهو ما يثير غيظ الحكومة الإسرائيلية، التي يبدو أنها قد تخلق أي ذريعة أمنية لإعادة إشعال الداخل الفلسطيني عبر عدوان عسكري
رغم تصدرها للجبهة الدولية المعارضة للاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية، أجرت الإدارة الأميركية أمس أول اتصال معها، عبر اجتماع القنصل العام الأميركي في القدس المحتلة جاكوب والس مع وزير المال الفلسطيني سلام فياض، في وقت تلقى فيه وزير الخارجية زياد أبو عمرو دعوة لزيارة فرنسا والنمسا.
وأعلن مسؤولون فلسطينيون عن لقاء بين والس وفياض استغرق ساعتين تقريباً، عقد في مكتب الوزير الفلسطيني في رام الله في الضفة الغربية. إلا أن القنصلية العامة الأميركية في القدس المحتلة رفضت تأكيد هذا النبأ أو نفيه. وقالت الملحقة الصحافية ميكائيلا شفيتز بلوم لوكالة “فرانس برس”: “لن نقدّم تعقيباً على جدول أعمال القنصل العام لهذا اليوم”.
وقال فياض إن هدف الاجتماع مع الدبلوماسي الأميركي كان السعي لرفع الحصار “غير العادل” المفروض على الفلسطينيين.
كذلك، أعلنت فرنسا أمس نيتها “استئناف الاتصالات السياسية” مع الحكومة الفلسطينية، لكن فقط من خلال الوزراء غير المنتمين لحركة “حماس”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، جان باتيست ماتيي: “كما نرى أنه يجب استئناف المساعدة المالية المباشرة للحكومة الجديدة ونحن ندافع حالياً عن هذا الموقف لدى شركائنا الأوروبيين”، مشيراً إلى أن هذا الموضوع سيبحث خلال الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في ألمانيا في نهاية الأسبوع المقبل.
وذكر ماتيي أن وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي دعا نظيره الفلسطيني زياد أبو عمرو (مستقل) إلى زيارة فرنسا، وقال: “إذا كان يرغب في المجيء سريعاً فسيتم استقباله سريعاً في فرنسا، لا مشكلة”، مذكراً أيضاً بأن أبو عمرو وسلام فياض لا ينتميان إلى حركة حماس.
وتابع ماتيي: “نرى أن التزام هذه الحكومة (الفلسطينية) احترام الاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية واحترام الشرعية الدولية يشكل خطوة مهمة نحو قبول حماس الكامل بالمبادئ الثلاثة للجنة الرباعية الدولية”.
من جهتها، رأت وزيرة الخارجية النمساوية أورسولا بلاسنيك أن الحكومة الفلسطينية الجديدة تمثل “فرصة” لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وأعلنت أنها دعت وزير الخارجية زياد أبو عمرو المستقل لزيارة النمسا.
إلى ذلك، دعا وزير الإعلام الفلسطيني والمتحدث باسم الحكومة مصطفى البرغوثي “المجتمع الدولي، وخاصة أعضاء اللجنة الرباعية الدولية، إلى عدم المماطلة بالاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية والتعامل معها على أساس البرنامج الذي يمثل مفتاح السلام والأمن والاستقرار في المنطقة”. وأضاف أن هذا البرنامج يمثل أيضاً “يداً ممدودة للسلام في المنطقة”، مشيراً إلى أن “برنامج الحكومة يدعو إلى تكريس الديموقراطية وتحقيق أمل الفلسطينيين في الحرية وتطلع شعوب المنطقة للأمن والاستقرار والازدهار”.
من جهة ثانية، قال مسؤول أميركي إن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قد تقوم بمهمة مكوكية بين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال رحلتها المقبلة إلى الشرق الأوسط، التي ستبدأ يوم الجمعة المقبل، وتستمر إلى الثلاثاء، تلتقي خلالها وزراء خارجية “الرباعية العربية” (مصر والأردن والسعودية والإمارات)، ملمحاً إلى إمكان تكثيف الدور الأميركي في عملية السلام في الشرق الأوسط.
وفي السياق نفسه، قالت المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كيم مون إنه أجرى مشاورات هاتفية مع الشركاء الدوليين الرئيسيين المنخرطين في محاولة التوصل إلى اتفاقية سلام في الشرق الأوسط.
وقالت ميشيل مونتاس إن بان ناقش إمكان اللجوء إلى مقاربة جديدة مشتركة مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
ميدانياً، أعلنت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، مسؤوليتها عن قنص جندي إسرائيلي قرب معبر صوفا جنوب قطاع غزة.
وقالت السرايا، في بيان، إن “جيباً صهيونياً تقدم لنقل الجندي وهبطت بعد دقائق مروحية عسكرية للعدو في معبر صوفا. وقد عادت المجموعة إلى قواعدها بسلام”.
وفي هذا السياق، هددت إسرائيل برد عسكري شديد في قطاع غزة إذا استمرت العمليات الفلسطينية. ونقلت صحيفة “هآرتس” عن مسؤول أمني رفيع المستوى قوله، بعد عملية إطلاق نار أول من أمس أدت إلى إصابة إسرائيلية على حدود قطاع غزة، إن “الأقوال انتهت، وإذا استمرت خروق وقف النار، فسيرد الجيش الإسرائيلي بحزم شديد على المنظمات الإرهابية الفلسطينية”.
وشددت المصادر الأمنية الإسرائيلية على أن التعليمات لتنفيذ العملية الأخيرة وصلت من مستويات عليا في “حماس”.
وفي السياق نفسه، نقل موقع “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني عن مصدر أمني رفيع المستوى قوله أيضاً إن “صبرنا قد نفد وسيرد الجيش منذ الآن بقوة على كل محاولة لمهاجمة هدف إسرائيلي من داخل قطاع غزة”. وأضاف أن “كل عملية إرهاب ستواجه برد مناسب”.
وينظرون في المنظومة الأمنية إلى عملية معبر المنطار (كارني) أول من أمس بخطورة، وخصوصاً أنها أتت بعد وقت قصير من إعلان الحكومة الفلسطينية الجديدة. وعلقت مصادر سياسية إسرائيلية على العملية بالقول: “إن الحديث لا يدور عن منظمة غيرت جلدتها أو أظهرت البراغماتية، بل إنها ما زالت تواصل الإرهاب”، ولا يمكن إجراء مفاوضات معها من دون اعترافها بشروط الرباعية الدولية.
ورأت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن الذراع العسكري لـ“حماس” لا يزال يقدم المساعدات سراً لتنظيمات أخرى مثل الجهاد الإسلامي لتنفيذ عمليات، من بينها صواريخ “قسام”. وأضافت أن “حماس” تمتنع عن الإعلان عن مسؤوليتها عن تنفيذ عمليات منذ التهدئة.
وكان رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، تساحي هنغبي، قد قال أمس لإذاعة الجيش، إن “المعجزة فقط ستمنع حصول عملية عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة”، مشيراً إلى أن هذه العملية أصبحت بحكم المؤكدة.
إلى ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس: “إننا نعيش في واقع معقد، وحتى الآن لم نصل إلى الراحة والطمأنينة. ونحن نستعد لسيناريوهات حرب على كل الجبهات، رغم أن كل الأحاديث عن الحرب في الصيف لا أساس لها”. وأضاف أن على إسرائيل أن تبادر إلى خطوات سياسية وليس فقط الرد. ودعا إلى المبادرة للتفاوض مع السلطة الفلسطينية تتوج بالحل الدائم. لكنه عاد وشدد على أن حكومة الوحدة الفلسطينية بتشكيلتها الحالية، “غير قادرة على أن تكون طرفاً في السلام”.
(الأخبار، أ ف ب، أ ب،
يو بي آي، د ب أ، رويترز)