على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

كان من الواضح أنّ هناك خللاً ما في البنية السياسية للدولة الروسية منذ نشوب الحرب. فرغم الحملة الإعلامية الغربيّة الهائلة التي كانت تتحدّث عن غياب النقد للحرب في روسيا، كان من الواضح أنّ المساحة للتعبير عن الاختلاف مع أداء وسلوك الجيش الروسي كانت أكبر بكثير من المساحة التي كانت موجودة في أوكرانيا. وكانت أوكرانيا (المثال الديموقراطي، بحسب إعلام الغرب، رغم الفساد وتسلطيّة الحكم) صارمة في حظر النقد والجدال والاختلاف. لم يُسمح في أوكرانيا لأيٍّ كان بانتقاد الحرب، وكان هناك تفتيش على حواجز عسكرية: ومن كان لديه صور أو أخبار من مصادر روسية يُعاقب. نتحدث عن دولة أوكرانيا التي منعت 19 مليون كتاب من التداول أو حتى من الجلوس على رفوف المكتبات. لو أن هذا الحدث كان في روسيا، لكانت مواقع التواصل ووسائل الإعلام الغربية وأبواق الناتو قد وقّعت العرائض الاحتجاجيّة. في المقلب الروسي، كان من الواضح أن هناك هامشاً غير صحّي من الجدال حول أداء الجيش. صحيح أن الجيش الروسي لم يُحسن إدارة المعارك، وخصوصاً في بداية الحرب. لكن قائد مجموعة فاغنر والكتّاب على المواقع كانوا ينتقدون الأداء العسكري بصورة يومية. هذا أمر غير مسموح به حتى في الدول التي تتشدّق بالديموقراطية. هناك، عندما تنطلق المدافع يتوقف الجدال، والإعلام يضرب التحيّة العسكريّة ويكتفي بنقل ما يرد إليه من مصادر الاستخبارات والقوّات المسلّحة في تلك الدول. في روسيا رأينا أنّ رئيس مجموعة فاغنر يقوم بهجاء وزارة الدفاع وحتى القيادة السياسية. هذا شيء غير معتاد في الحروب. ولأن بوتين لم يكن مستعداً بما فيه الكفاية لتلك الحرب، أطلق العنان لمجموعة فاغنر، وخصوصاً أنّ أداءها تفوّق في أكثر من موقع على أداء الجيش الروسي. ما جرى اليوم قد يزعزع النظام في روسيا، وقد يفتح المجال أمام مؤامرات غربية على هذا النظام. بوتين مُطالب بالنصر، وبسرعة وعرشه مهدّد لو لم يقد نصراً حاسماً قريباً.

0 تعليق

التعليقات