على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

مصطفى الكاظمي يعود إلى الإعلام، والجمهور كان بانتظاره، أو تصرّف على هذا الأساس. ها هو يدشِّنُ عودته بمقالة في جريدة «الشرق الأوسط». الكاظمي مثال جميل (جداً) عن الليبرالي العربي الذي يصل إلى الحكم عبر الدبّابة والانتقاء الأميركي. تقرّبَ من الأميركيّين قبل أن يشغل منصب مدير المخابرات العراقيّة (والأميركي عيّنه في المنصب لكنه حمل حبّ الجماهير العراقيّة معه). خرج الكاظمي من الحكم بطريقة غير مشرّفة: اتهامات فساد هائلة طالت كل المقرّبين منه، لكن الأميركيّين سيمنعون محاكمته كما حموا رياض سلامة قبل تقاعده من منصبه. يعيش الكاظمي في إجازة دائمة: ابتاع لنفسه منزلاً منيفاً في وسط بيروت بملايين الدولارات وهو يسوح في أرجاء المنطقة. كان يعمل تحت إشراف كنعان مكيّة، حبيب المحافظين الجدد والذي حرّضَ الإدارة الأميركيّة على قصف التلفزيون العراقي بعد غزو بغداد. كان مكيّة يظن أنّ الشعب العراقي سيحمله على الأكفّ عند عودته إلى بغداد، لكن المقام لم يطل به عندما اكتشف أنّ معظم الشعب لم يسمع به والذي سمع به كنَّ له نفس العواطف التي كنّها الشعب العراقي لبوش. تدرّب الكاظمي على طاعة المحافظين الجدد، وهذا ينعكس في خطابه عن الديموقراطيّة. والمقالة التدشينيّة للكاظمي في «الشرق الأوسط» جميلة في عشق الديموقراطيّة وفي الافتتان بالحريّات الفرديّة. ها هي خلاصة حكمه عن السياسة في العالم العربي: «إنّ التجارب الجبّارة المحيطة، وبالأخصّ تجارب دول الخليج العربي، تستحقّ التأمّل والتحيّة». هذه الجملة وحدها تلخّص حقيقة منهج ومقصد الليبراليّين العرب. شعارات من روسو وفولتير وعشق حقيقي فعليّ لمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد، وباقي الدول التي تفرض عقوبة 15 سنة سجن على التغريدة الواحدة (تصل إلى ثلاثين في السعوديّة). لم يكن ممكناً أن يصل الكاظمي إلى السلطة عبر الاقتراع. الليبراليّون العرب لا يصلون إلى السلطة إلا عبر دبّابات المستعمر أو بتدخّل غربي مباشر (كما في حالة نجلاء المنقوش) أو عبر التحالف مع المتسلّط العسكري، كما في مصر. الشعب لا يحبّهم ولا يريدهم ومنبرهم الوحيد نفطي وغازي.

0 تعليق

التعليقات