تونس | أصدرت «النقابة الوطنية للصحافيين» في تونس تقريرها لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 حول وضع الحريات والوضع الاجتماعي في المؤسسات الإعلامية المحلية. في البداية، أكدت النقابة «زيف مفاهيم حقوق الإنسان في منصّات التواصل الاجتماعي»، مشيرةً إلى «الحرب» التي شنّها فايسبوك على وسائل إعلام وطنية، عبر عمليات حظر وإغلاق صفحات بسبب المحتوى المؤيد للفلسطينيين والمدين لإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنّها على غزّة. وهو ما أدّى إلى فقدان هذه المؤسسات مئات آلاف المتابعين، مسبّباً تبعات «اقتصادية ومهنية كبيرة». علماً أنّ ما حصل في تونس تكرّر حول العالم، ويأتي في إطار كمّ عمالقة السوشال ميديا، وخصوصاً «ميتا»، الأصوات المساندة لفلسطين، ومشاركتها في عملية التضليل الإسرائيلية.

في هذا السياق، حُظرت صفحة إذاعة «شمس أف أم» (مملوكة للدولة) التي كانت تحظى بـ 4 ملايين، فيما تعرّضت صفحة الإذاعة الوطنية (الرسمية) للقرصنة، وحُظر حساب موقع «الصباح نيوز» (مملوك للدولة) بسبب محتوى مصوّر عن الارتكابات الإسرائيلية الشنيعة وتصريحات الناطق الإعلامي باسم حركة «حماس» أبو عبيدة. ولم تسلم المؤسسات الجمعيّاتية من عقوبات الموقع الأزرق، إذ حُظرت صفحة «صوت المناجم» في الجنوب الغربي، كما لقيت صفحة إذاعة «إكسبراس أف أم» (خاصة) المصير نفسه لتفقد 970 ألف متابع. ولم تسلم إذاعة «المنستير» (جهوية رسمية) من العقوبات للسبب نفسه، إذ فقدت أكثر من 400 ألف متابع.
وتطرّق التقرير أيضاً إلى التضييقات التي يواجهها الصحافيون أثناء تأدية عملهم، بسبب القرار القضائي بحظر التداول في القضية المعروفة بـ «التآمر على أمن الدولة». وقد أصدر في هذا السياق قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، قراراً بمنع برنامج «ميدي شو» على إذاعة «موزاييك» قبل انطلاق الحلقة بدقيقتين، إثر نشر الإذاعة إعلاناً عن استضافة محامي بعض المعتقلين في هذه القضية.
وأتى التقرير كذلك على ذكر توجيه تهم كـ «التحريض» و«الانضمام إلى تنظيم إرهابي» إلى مدير تحرير موقع «انحياز»، غسّان بن خليفة. وهي دعوى قديمة أثيرت منذ أكثر من عام بسبب تدوينة نشرتها إحدى الصفحات ونُسبت إلى ابن خليفة الذي تبرّأ منها، قبل أن تثبت الاختبارات أن الصفحة لا صلة لها به.
وطالب التقرير بإطلاق سراح الصحافيين شذى مبارك وخليفة القاسمي المتهمَين في قضايا ذات طابع إرهابي، كما تعرّض لحالات من المضايقات في العمل اليومي في بعض أنحاء البلاد بسبب حجب المعلومات أو امتناع مسؤولين عن تمكين الصحافيين من المعطيات المطلوبة.
وطالبت «النقابة الوطنية للصحافيين» في تقريرها الذي أحصت فيه الاعتداءات التي تعرّض لها العاملون في مجال الإعلام، رئاسة الجمهورية بإيقاف العمل بالمرسوم 54 الخاص بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات وإيقاف الإجراءات الحكومية بملاحقة مستخدمي الفضاء الرقمي.
وفي السياق نفسه، طالبت النقابة رئاسة الحكومة بإلغاء المناشير المعطلة لتصريحات موظفي الدولة لوسائل الإعلام. أما على مستوى القضاء، فحثّ التقرير على إلغاء قرار قاضي التحقيق بمنع التداول في «ملف التآمر على أمن الدولة» وقبول مطلبَي التعقيب وإيقاف التنفيذ في ملف الصحافي خليفة القاسمي، ومراجعة بطاقة إيداع الصحافية شذى الحاج مبارك السجن وإطلاق سراحها، إضافةً إلى إيقاف الإحالات التي تستند إلى قوانين أخرى خارج القانون المنظّم لقطاع الصحافة.