كتب بنيامين نتنياهو في «وول ستريت جورنال» محدداً أهدافاً عدة في التدمير والقتل في غزة والضفة، والشرق الأوسط برمّته. لكن جملة في مقالته لفتتني، إذ قال بالحرف إنّه «يجب إزالة جذريّة المجتمع الفلسطيني». هذه دعوة صريحة لإعادة تركيب المجتمع الفلسطيني بما يلائم الصهيونيّة. هذه الدعوة تُسجّل سابقة يسمح التسامح الغربي مع الإبادة الإسرائيليّة بإطلاقها. تبنّي دول الغرب الكامل للعدوان الجاري سيزيد من الشبق الدموي الإسرائيلي، وسيفتح الطريق أمام الكيان لارتكاب المزيد من الوحشيّة. لم يسبق أن صارح العدوّ العالم بنيّاته الوحشيّة. إسرائيل اكتشفت في 7 أكتوبر أنّ الوجود الفلسطيني بحد ذاته يشكّل إزعاجاً ومصدر خطر لها. سمحت لها الإدارة الأميركيّة (وكل دول الغرب، كي لا ننسى ماكرون الذي أراد تشكيل جبهة عالميّة لمحاربة «حماس» على غرار جبهة محاربة «داعش») بالإيغال في التوحّش، من دون رادع، ومع حماية كاملة في مجلس الأمن، وفي مجلس الجامعة العربيّة (الجامعة العربيّة شكّلت في الأزمة درع حماية لإسرائيل عبر عدم إصدار أي قرار مؤذٍ لها. العربي الوحيد في هذا العالم الذي عبَّر عن إعجابه بموقف الجامعة العربيّة هو اللبناني، مارك ضوّ، الذي وصف عجز الجامعة وقيلولتها بـ «العمل الجبّار»). لم تغب عن دولة إسرائيل السمات الفاشية منذ الإنشاء. وهي نظام فريد من نوعه. التداخل بين الجيش والسلطة السياسيّة لا يشبه أي نظام آخر إلا تركيا في مرحلة الجنرالات. ليس مصادفة أن يشغل جنرالات إسرائيل مناصب رؤساء الحكومات والجمهوريّة وأبرز الوزارات. العنف على المستوى الشامل ضد العرب يدخل في العقيدة المؤسّسة للكيان. عملية «طوفان الأقصى» أعادت الاعتبار إلى العقيدة عند العدوّ، لا بل أقنعت الطغمة الحاكمة والمجتمع الإسرائيلي الفاشي والعنصري والمُجرم بأنّ منسوب العنف ضد العرب لم يعد كافياً. إسرائيل دخلت في حقبة جديدة تهدف إلى زيادة نسبة قتل العربي مقابل الإسرائيلي. إسرائيل قتلت من شعب فلسطين أكثر بنسبة عشرين في المئة ممن قُتلوا في 7 أكتوبر. لكن تغيير المجتمع الفلسطيني مشروع كبير يحتاج إلى السلطة العميلة وإلى «عمل جبّار» من الجامعة العربيّة.