على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

تعلم كم أنّ النخب العربيّة المثقّفة باتت تقتات على خطاب حكومات الناتو والخليج عندما تقرأ كلامها المُلطّف عن الحلّ الفلسطيني. الكلّ بات يُشدِّد على «حلّ الدولتَين». لكن لماذا لم تكتشف النخب المثقّفة سحر حلّ الدولتَين قبل أن تمضي بها الحكومة السعوديّة بعد 11 أيلول، ولأسباب لا علاقة لها بالقضيّة الفلسطينيّة؟ (على العكس، كانت السعودية تحاول إرضاء واشنطن، وإبداء الموافقة على قبول إسرائيل في المنطقة العربيّة). أحدهم يقول إنّه من الضروري «معالجة» مسألة السلاح النووي الإسرائيلي، الذي لا يلقى إشارة في إعلام يضجّ بصورة منتظمة بخطر سلاح نووي إيراني غير موجود. آخر يتحدّث عن المستوطنات، على أنها العائق. كل هذا الكلام بات اجتراراً لحدود الكلام المُباح من رعاة غربيّين وتمويل الأطلسي وسوروس. المُراد أن يصبح الكلام عن فلسطين مماثلاً لكلام عام ولطيفاً من قبل حكومات الغرب. حتى عندما يردّ بعضهم على حرب إبادة (باعتراف قطاعات في المجتمعات الغربيّة وممثّلين اشتراعيّين) فإنّهم يردّون بـ… التمسّك بخيار الدولتَين. أي إنّهم يُطمئنون العدوّ إلى أنّه سيُكافأ على جرائمه، ولن تكون لوحشيّته عواقب تُذكر. خطاب النخب هو الذي تغيّر عبر السنوات، لأنها لا تنطق بهواها، بل بمكنونات حكومات الخليج التي تسيطر على مقدّرات الثقافة والفنّ والترفيه في العالم العربي. من زمن جورج حبش وأبو أياد إلى زمن تركي الشيخ وسعود القحطاني (الذي لم يغب خلافاً لوعود بعد اغتيال الخاشقجي). النخب المثقّفة تؤيّد الجهاد الإسلاموي عندما تدعو إليه الأنظمة الثريّة، وتدعو ضد الجهاد الإسلاموي عندما تنبذه الأنظمة الثريّة. كما رفضت وجود إسرائيل عندما رفضته (لأسبابها) أنظمة الخليج، وقبلته عندما قبلتها. هذه النخب تدور كما تدور الأنظمة، لكنّ الغريب أنّ النخب المثقّفة لم تتّبع يوماً نظاماً غير ثري: فقط النظامين العراقي والليبي والأنظمة الخليجيّة هي التي رعت وسيّرت النخب المثقّفة. قد يعترض أحدهم ويقول: كان للنظام المصري نفوذ وسيطرة في عهد عبد الناصر. صحيح، لكنّ ذلك كان طوعاً، وليس مقابل مال أو وعد بفرص ماديّة.

0 تعليق

التعليقات