على رأس جدول أعمال مجلس الوزراء، اليوم، بند أول يتحدث عن طلب وزارة الاتصالات النظر بأمر الموافقة على توقيع العقد مع شركة ميريت انفست ش.م.ل. بالائتلاف مع شركة colis privé france (الأولى لبنانية مملوكة من رودولف سعادة صاحب شركة CMA-CGM للنقل البحري التي التزمت تشغيل مرفأ بيروت، والثانية فرنسية مملوكة من الشركة الأولى) المتعلق بالمزايدة العمومية لتلزيم الخدمات والمنتجات البريدية. عملياً، تبحث الحكومة بنداً ميتاً أو انتهى الحديث به فور صدور قرار من ديوان المحاسبة يرفض الصفقة باعتبارها مخالفة لقانون الشراء العام ولمبادئ الشفافية، مفنّداً كل المخالفات والتجاوزات في دفتر الشروط المعدّل. وكان الديوان جازماً بأن دفتر الشروط أُعدّ على مقاس العارض ومؤهلاته ومهنته، وأنه جرى التعامل بخفّة مع مواد القانون إلى جانب تعمّد وضع تعقيدات غير مألوفة في دفتر الشروط لتهريب العارضين، فضلاً عن أنه لا يتناسب أيضاً مع مصالح الدولة ويتسبب بخسارة في الخزينة العامة بقيمة لا تقل عن 5 ملايين دولار. وقد سبق لهيئة الشراء العام أن أوصت بعد صدور نتائج المزايدة الثانية، التي فازت بها الشركة نفسها، بإلغاء النتيجة لأن صيغة العارض تلحق الضرر بالمال العام وتقلّص حصة الدولة، فضلاً عن وجود مجموعة شروط غير متوافرة في تحالف الشركتين. وهي توصية استند إليها الديوان لاحقاً لإصدار قراره.رغم كل ما سبق، يصرّ وزير الاتصالات جوني القرم على محاولة إمرار الصفقة. حاول أولاً عرضها على مجلس الوزراء قبل صدور تقرير الديوان، ثم تقدّم بعد جولة سياسية بطلب إعادة النظر بنتيجة تقرير الديوان الرافضة للتلزيم من أساسه. وبعد الاستماع إلى القرم، أكدّ الديوان قراره السابق نظراً إلى عدم ورود معطيات جديدة تبدّل الوقائع، إلا أن القرم لم ييأس وقرّر اللجوء مجدداً إلى السلطة السياسية لتجاوز قرارَي الديوان وتوصية هيئة الشراء العام.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال جلسة الاستماع التي عقدها الديوان مع الوزير القرم، بحضور رئيس الديوان محمد بدران، شرح الأخير الأسس القانونية التي بُني عليها القرار وعدّد كل المخالفات الواردة ضمن دفتر الشروط، فيما اقتصر كلام القرم على «الحالة الطارئة التي تعيشها البلاد والتي يصعب خلالها تقدّم أي عارض آخر». لكن تأجل صدور قرار مجلس الوزراء بالتأكيد على قرار الديوان وإبلاغ الوزير رفض سيره بالصفقة بسبب سفر رئيس هيئة الشراء العام جان العلية الذي سيحضر جلسة اليوم للإدلاء بإفادته. ذلك لأن القرم ادّعى بأن العلية وافق على كل نقاط دفتر الشروط، وهو قد طالب بإضافة تعديلات عليها وجرت تلبيتها، لكنه عدّل في إفادته أمام الديوان. إلا أن كتب العلية إلى الوزير تدحض هذه الادعاءات.
هكذا، يُنتظر أن يحسم اليوم مجلس الوزراء هذا الجدل بإلغاء نتيجة الصفقة والتوصية بالسير بقرار ديوان المحاسبة لأنّ أيّ تجاوز للديوان سيكون «فاقعاً» وموافقة ضمنية على هدر المال العام وعلى السماح بتجاوز القانون والتلاعب بدفاتر الشروط كرمى لعيون شركة أو بشكل أوضح خدمة للمصالح الفرنسية في لبنان.