رغم ذلك، يعكف رئيس الجامعة، بحسب مصادره، على التشاور مع عمداء الكليات لإعداد ملف «مقنع» بالحد الأدنى، من دون أن يضمن عدم الخروج عن المعايير الأكاديمية. وتلفت المصادر إلى أن الرئيس بنى الملف انطلاقاً من تحديد الملاكات في الكليات (حاجة الأقسام والاختصاصات للأساتذة)، ونقل عنه أن أحد أبرز المعايير المعتمدة في الملف هو مراعاة تراجع عدد الطلاب في الكليات. وسيرفع بدران الملف إلى وزير التربية الذي سيدقق فيه بدوره، وهو ما قد يستغرق بعض الوقت، ما يرجح عدم إمكانية تحويله إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء قبل نهاية 2023، كما وعد الرئيس لجنة الأساتذة المتعاقدين.
إلغاء الاعتصام أمس من دون سابق إنذار أغضب الأساتذة المتعاقدين، ولا سيما أنه لم يقرر بالتشاور معهم، ولكونه خطوة تضرب مفهوم العمل النقابي، وإن كان عدد الذين صوّتوا مع الاعتصام لا يتجاوز 300 من أصل 1800. مع الإشارة إلى أن بدل الإنتاجية نفسه الذي أعطي للأساتذة ضرب كل مقاييس الوظيفة العامة وجعل الأساتذة «ممسوكين من رقبتهم، ومذلولين بلقمة عيشهم، من دون أن يجرؤوا على ممارسة حق الإضراب خوفاً من خسارة هذا البدل» وفق ما تقول مصادرهم. والتشرذم في صفوف الأساتذة المتعاقدين الذين خالف بعضهم قرار اللجنة بالعودة عن الإضراب واعتصموا أمس أمام الإدارة المركزية للجامعة سببه أن هناك أولويات مختلفة، منها أن جزءاً من المتعاقدين غير مهتم بالتفرغ لأن الوضع الراهن للأستاذ المتفرغ في الجامعة لا يقارن بوضعه في الجامعات الخاصة، ولأن من المتعاقدين من غادر البلد ويحتاج إلى تقديمات فعلية ليعود، وجزء ثالث يطالب بعقود المشاهرة (الدفع شهرياُ) لأنهم ليسوا على يقين بأن يكونوا في الدفعة الأولى، ما سيؤخر تفرغهم ولا يعرفون ما هي المعايير التي على أساسها تم اختيار الدفعات.
يعكف رئيس الجامعة بالتشاور مع عمداء الكليات على إعداد ملف «مقنع»
أسئلة كثيرة تدور في أوساط الأساتذة: هل تم تأمين التوافق السياسي حول التفرغ؟ هل تمت دراسة الكلفة المالية لتفرغ جديد مع ما سيشمل ذلك من إعطاء 7 رواتب وبدل نقل وحوافز ومساعدات، وهل سيتم تأمين موازنة لصندوق التعاضد لدفعة جديدة من المتفرغين، فيما الصندوق بوضعه الحالي عاجز عن تأمين الطبابة والاستشفاء للمتقاعدين أو للأساتذة المنتسبين؟ وإذا كانت الحكومة والجامعة عاجزة عن تأمين إنتاجية للمتعاقدين أسوة بزملائهم في التعليم ما قبل الجامعي وحتى بموظفي الجامعة، فكيف ستؤمن فجأة الأموال لتفرغ جديد؟ كما يتساءل الأساتذة على أيّ أسس سيتم تقسيم الملف على دفعات مع تخوّف عدد من الأساتذة المنتمين إلى الطائفة المسلمة من استثنائهم من التفرغ لمصلحة التوازن الطائفي؟ وهل صحيح أن الأساتذة المتعاقدين الموظفين في ملاكات التعليم ما قبل الجامعي والإدارة العامة لن يكونوا مشمولين بالدفعة الأولى للملف؟