لم أشعر في حياتي بأنني عديمة الفائدة كطبيب وجرّاح كما أشعر اليوم. أتمنى لو كنت هناك في غزة معكم اليوم. معكم جميعاً. زملائي، أنتم تمنحوني كل يوم المزيد من الأسباب التي تشعرني بالفخر بأن الدم الفلسطيني يجري في عروقي. هذا الفخر الذي غرسه والديّ فيّ منذ ولادتي لم يكن طبعاً بلا مرجع وذكريات وشعور بالانتماء، انما اليوم، الآن... الآن أصبح الأمر مختلفًا. ففلسطين اليوم تحيا في عروقي اكثر من أي وقت مضى.قد يظن كل طبيب في غزة انه متروك وحده. ولوحده يتعامل مع مذابح جهنمية يرتكبها عدو ضعيف وبغيض بدعم من الآخرين الذين يروّجون للحروب. لكنك يا زميلي العزيز لست وحدك. كلنا معك. كل من لديهم إحساس بالإنسانية معك. كل من يؤمنون بالعدالة معك.
كلما اجري عملية جراحية في أي مكان أتمنى ان أكون معكم. عندما اعمل على تنظيف جرح المريض أو عندما اغسل يدي او اشرب كوب مياه... كل قطرة أتمنى أن أقدمها لك. فكيف يمكنكم العناية بالجرحى والمرضى بعدما قطع الجيش الإسرائيلي المياه عن المستشفيات؟
كثيرون يلتزمون الصمت خوفا من فقدان وظائفهم علماً انهم يعيشون اليوم في "العالم الحر". ولن أضيع وقت أحد في نقاش عقيم او في عرض مفصّل للظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ ما قبل 1948. أردت فقط من خلال هذه الكلمات أن أعتذر عن عدم امتلاكي القوة والشجاعة والتصميم والجرأة والشجاعة والقلب الذي يمتلكه زملائي الأطباء في غزة.
إن مهنتنا مهنة نبيلة، حيث نقسم على المساعدة وعدم الإضرار. ربما لم يحلم أبقراط أبدًا بأن الأطباء سيضطرون إلى أن يشهدوا الجحيم الذي يشهدونه اليوم في غزة. ولا يمكن لأي منا أن يتخيل ما يجرى في المستشفيات في أسوأ الكوابيس.
ومع ذلك ها انتم تنقذون جرحى وتضحون بكل شيء للحفاظ على الحياة ...
إذا كان هناك أي قوة للخير في هذا العالم، فهي أنتم.
* جراحة فلسطينية مغتربة