انتهت موازنة 2024 إلى إنفاق بقيمة 308.4 آلاف مليار ليرة توازي 19% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 (18.1 مليار دولار بحسب تقديرات البنك الدولي)، وبتصفير وهمي للعجز بعد حذف كلفة خدمة الدين بالعملة الأجنبية. نحو 89.6% من النفقات هي عبارة عن أكلاف تشغيلية، في مقابل نفقات استثمارية بنسبة 10.4% تتضمن الصيانة والتجهيزات والإنشاءات، بالإضافة إلى فوائد على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية. أما الإيرادات الضريبية فهي تمثّل 78.8% من مجمل الإيرادات، غالبيّتها تأتي من تعديل قواعد احتساب الضريبة، أي مضاعفة الضرائب والرسوم وفق أسعار صرف مختلفة، أما احتياط الموازنة فقد بلغ 38.2 ألف مليار ليرة (427 مليون دولار) أو ما نسبته 12.4% من مجمل النفقات.في الأرقام النهائية للموازنة التي أحالها رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى رئاسة مجلس الوزراء، يتبيّن أن الرسوم الداخلية على السلع والخدمات هي المصدر الأساسي للإيرادات بقيمة 141.4 ألف مليار ليرة (1.5 مليار دولار)، بينما مثّلت ضريبة الدخل على الأرباح ورؤوس الأموال نحو 21.4 ألف مليار ليرة (240 مليون دولار)، والضريبة على الأملاك 36 ألف مليار ليرة (402 مليون دولار) ثم الرسوم على التجارة والمبادلات الدولية بقيمة 32.8 ألف مليار ليرة. أما الإيرادات غير الضريبية فقد بلغت بمجملها 65.3 ألف مليار ليرة (730 مليون دولار) وهي ناشئة بشكل أساسي من إيرادات مرفأ بيروت بقيمة 13.4 ألف مليار ليرة (150.6 مليون دولار)، ومن إيرادات مطار بيروت بقيمة 7.1 آلاف مليار ليرة (80 مليون دولار).
هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أن العبء الأكبر من الضرائب ما زال مصدره الأساسي الاستهلاك الداخلي، بينما لا يتحمّل ذوو المداخيل العالية وأصحاب الثروات ضرائب مرتفعة رغم قوّتهم الشرائية المرتفعة وقدراتهم المالية الأكبر. فالضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية على الاستيراد، ورسوم استهلاك التبغ والمشروبات والترابة والمازوت وغيرها، تبلغ 1.95 مليار دولار أو ما يوازي 56.6% من مجموع الإيرادات. ويضاف فوقها رسوم الطابع المالي بقيمة 11.2 ألف مليار ليرة (12.5 مليون دولار) وواردات الاتصالات المتعلقة بالتخابر الثابت والخلوي واستهلاك الإنترنت بقيمة 23.9 ألف مليار (26.8 مليون دولار)، والرسوم الإدارية المدفوعة للكتّاب العدل والقنصليات والأمن العام ورسوم السير وغيرها من رسوم التسجيل في المدارس والجامعة اللبنانية والامتحانات الرسمية وإجازات العمل بقيمة 12.5 ألف مليار ليرة (13.9 مليون دولار).
في مقابل هذا التركّز في الأعباء الضريبية على المستهلكين والتي تطاول بشكل أساسي صغار المداخيل وتساويهم مع أصحاب الثروات، فإن المنافع التي ستحصل عليها هذه الشرائح المستهدفة من الضريبة، ضئيلة جداً. إذ تبلغ نفقات الأدوية 23.3 ألف مليار ليرة (261 مليون دولار)، ومخصّصات اجتماعية للعاملين في القطاع العام بقيمة 31.3 ألف مليار ليرة (350.6 مليون دولار)، وتقديمات مدرسية بقيمة 14.1 مليار ليرة (157.6 مليون دولار)، ونفقات استشفاء بقيمة 22.1 ألف مليار ليرة (247 مليون دولار).