البداية المبكرة الاستثنائية للدوري اللبناني بحُكم زحمة المواعيد الدولية في الفترة المقبلة، حيث ستتوقف البطولة شهرياً تقريباً لتحضيرات المنتخب لكأس آسيا ومشاركة ممثلَي لبنان في كأس الاتحاد الآسيوي، فرضت أجواء مغايرة عن تلك التي عرفتها الفرق في مواسم سابقة، فهذه المرّة انطلقت البطولة وسط موجة حرّ لا مثيل لها، تقاطعت غالباً مع مباريات المرحلتين الأولى والثانية، والتي شهدت معاناة لكل الحاضرين إلى الملعب، وعلى رأسهم اللاعبين المطالبين بتقديم مجهودٍ مضاعف من أجل الارتقاء إلى مستوى التحدي.هذا التحدي تمثّل بالطقس هذه المرّة، وكيفية تكيّف اللاعب معه، وقدرته على الصمود طوال دقائق المباراة، وطبعاً تفادي الإصابة العضلية أو المعاناة من جراء الحرارة التي تسبّب له مشكلات صحيّة تبعده عن اللعب أو التمارين.
حالاتٌ كثيرة مرتبطة بطريقة مباشرة وغير مباشرة شهدها الأسبوع الأخير، بينها خروج لاعب وسط الأنصار علي طنيش «سيسي» في وقتٍ مبكر من المباراة أمام الحكمة، حيث كان يعاني أصلاً من حالة تسمّم قبل اللقاء، وجاءت الظروف المناخية الحارّة لتحرمه من تخطي مشكلته. كما عانى لاعب النجمة مهدي زين من حالة قيء بين شوطي المباراة أمام العهد، والتي غاب عنها زميله لويس الخوري بسبب معاناته من تسمّم أيضاً قبلها بخمسة أيام، وبالتالي استحالة تقبّل جسمه المجهود المطلوب في ظل الحرارة المرتفعة.
الإجراءات الاحترازية
معالج المنتخب اللبناني إيلي متني وفي حديثٍ إلى «الأخبار» حول هذه المعضلة، لم يستبعد حتى دور الطقس الحارّ والرطوبة العالية في الإصابة العضلية التي تعرّض لها مدافع العهد الدولي جورج فيليكس ملكي أمام النجمة، مشيراً بقوله: «لا يجب الاستهانة بمدى التأثير السلبي للطقس على أجسام اللاعبين الذين يعانون ويخرجون مرهقين من الملعب». وتابع: «من المهم جداً في هذه الفترة أن يواظب اللاعب على شرب المياه، وخصوصاً في الوقفات خلال المباريات، وهو أمر أساسي إلى أبعد الحدود. كما نطلب من اللاعبين الخلود إلى الراحة لأكبر قدرٍ ممكن والنوم بشكلٍ منتظم، إضافةً إلى تناول المكمّلات الغذائية لتعويض الأملاح التي يخسرها اللاعب جراء تعرّقه بكمياتٍ كبيرة، وهي مسألة يعوّضها تناول المشروبات التي تعالج أي نقصٍ للسوائل في الجسم، كما هو الحال لناحية أنواع الطعام بحيث من الضروري تناول كل ما يتضمن الألياف والبروتينات».
بالفعل خوض المباريات في هذه الأشهر من السنة أمر حساس جداً، ولو أن غالبية الفرق باتت معتادة على التكيّف مع الطقس المتغيّر بحسب الفصول، وأصبحت تتحضّر له بالشكل المناسب، لكن على اللاعب أن يساعدها أيضاً من خلال نظام حياته اليومية لكي لا يعاني أثناء المباريات، وبالتالي تتأثر نتائجها سلباً. ويشرح متني قائلاً: «هناك مسؤولية على اللاعب المفترض أن يفهم طبيعة جسمه ومتطلباته لكي يتفادى الجفاف، وبالتالي الإصابات العضلية المفاجئة، والتعرض لأنواع أخرى من الإصابات مثل الغثيان والدوار ومشكلات المعدة والتنفس».
تسبّبت درجات الحرارة والرطوبة العالية بمشكلات صحية وعضلية لعددٍ من اللاعبين في نهاية الأسبوع


مشكلة الملاعب
ويمكن ربط جفاف الجسم بكل هذه المشكلات، ما يعكس الأداء المنخفض المستوى للاعبين غير الجاهزين للعب في هذا الطقس، وما يزيد من حجم المشكلة محلياً هو عدم القدرة على تنظيم المباريات في الفترة المسائية حيث يمكن أن تكون الرطوبة أكثر انخفاضاً، وذلك بسبب غياب الإضاءة عن الملاعب.
هذه الملاعب التي لا تتضمن غرف ملابس مكيّفة بالشكل الذي يتيح للاعبين التقاط أنفاسهم براحةٍ تامة، فتفضّل بعض الفرق عدم الدخول إليها بين شوطي المباراة بل البقاء في أرضية الميدان لتفادي زيادة المعاناة.
ويشير أحد معالجي فريقٍ طليعي في الدرجة الأولى بأن مسألة شعور اللاعبين بالحرّ وجفاف الجسم ليست وحيدة في الساحة في ما خصّ المشكلات التي تصيبهم، إذ عانى أكثر من أربعة لاعبين من ارتفاعٍ في حرارة الجسم بعد إحدى المباريات في نهاية الأسبوع، ما أبعدهم عن الحصة التدريبية في اليوم التالي.
وتؤكد إحدى الدراسات التي لحظت ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 70 في المئة خلال إحدى فترات إقامة مباريات الدوري البرازيلي بأن اللاعبين خسروا 2 إلى 8 في المئة من أوزانهم، وعانى البعض الآخر من ارتفاعٍ في ضغط الدم، ما عرّض حياتهم للخطر.
بطبيعة الحال ومع انحسار موجة الحرّ نسبياً، يمكن أن تسترخي الفرق وتطمئن على وضع لاعبيها لأن متطلبات الموسم الصعب والجميل في بدايته تبدو أكبر بكثير من تحديات الأجواء المناخية التي ستتحوّل بعد اشهرٍ قليلة إلى ممطرة وباردة، ما يستدعي إجراءات مختلفة، لذا فإن اتباع إرشادات معالجي الفرق والأطباء يبدو ضرورياً إلى أبعد الحدود.