لا أُفق واضحاً في باريس سان جيرمان. النادي أشبه بسفينة ضخمة تقف في مكانها منذ أعوام، مع تغيير مستمر لطاقم العمل. لاعبون من مختلف التصنيفات والأعمار تواتروا على الفريق ومدربون متنوّعون حطّوا رحالهم ثم رحلوا، دون تحقيق الحلم الأوروبي الكبير الذي وضعه القطريون هدفاً لهم، وهو اعتلاء منصة دوري الأبطال خلال خمس سنوات من تملّكهم النادي عام 2011. مرّت السنوات الخمس قبل أن تتبعها سبعٌ أخرى، واستمر فشل باريس سان جيرمان في فك عقدته الأوروبية رغم الإمكانات الهائلة التي وفّرتها قطر، أما أبرز النتائج فاقتصرت على بلوغ نهائي 2020 الذي خسره الفريق أمام بايرن ميونيخ (1-0).هكذا، تحوّل الحلم إلى كابوس مزعج، وأصبح واضحاً أن الأمر لا يتعلق باللاعبين أو الأجهزة الفنية بقدر ما يتعلّق بالإدارة نفسها. صحيح أن القطريين أظهروا نجاحاً نسبياً في عالم الرياضة من خلال اعتماد مشاريع متنوّعة قوامها لاعبون بارزون ومواهب واعدة وكذلك مدرّبو نخبة، غير أن جميع المشاريع افتقدت عنصراً أساسياً: الصبر.
عدم الثبات على مشروع محدد لأكثر من عامين أنهى أيّ محاولة للنجاح وأدخل «بي إس جيه» في دائرة مفرغة قوامها بذخ مكرّر يعود على النادي بتتويج محلي مطعّم بخيبة أوروبية، وسط معاناة مستمرة من فرق سيئة البناء، ثقل التوقعات، وفي بعض الأحيان سوء الحظ.
من المعلوم أن أي مشروع جديد يحتاج إلى الوقت، غير أن الإدارة لم تعطِ هذا «المورد النادر» لأحد وهو ما انتقده مدربون ولاعبون سابقون، منهم المدير الفني الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي بقوله في تصريحات لشبكة «موفي ستار»: «أعجبني المشروع في باريس سان جيرمان ولكن في السنة الثانية تغيّرت الأمور. كنا تأهّلنا بالفعل إلى مرحلة خروج المغلوب في دوري أبطال أوروبا، وخسرنا مباراة في الدوري أمام نيس قبل أن نفوز بعدها ضد إيفيان برباعية نظيفة، وأخبروني أنه إذا لم أفز على بورتو فسوف يطردونني». ثم استكمل: «تعجّبت وسألتهم كيف يمكنهم أن يقولوا لي ذلك، لأن الأمر تسبّب في خرق الثقة تماماً، لذلك قررت المغادرة في فبراير حتى ولو أرادوا تجديد عقدي».
على صعيد اللاعبين، طفت انتقادات عدة إلى الواجهة، برز منها سخط الفرنسي كيليان مبابي على إدارة ناديه بسبب عدم التتويج ببطولة دوري أبطال أوروبا في حوار نشرته صحيفة «ليكيب» الفرنسية، مع وصفه الفريق بـ«المنقسم». أما البرازيلي نيمار، فقد صرّح أخيراً أنه عاش «الجحيم» في نادي باريس سان جيرمان رفقة زميله الأرجنتيني ليونيل ميسي، قبل أن يغادراه خلال فترة الانتقالات الصيفية.
عدم الثبات على مشروع محدّد لأكثر من عامين أنهى أيّ محاولة للنجاح


الأمل في إنريكي
سوف يقود المدرب الإسباني لويس إنريكي مشروع باريس سان جيرمان الجديد، بتشكيلة متوازنة ومختلفة جذرياً عن تلك التي خرجت في الموسم الماضي من دوري أبطال أوروبا أمام بايرن ميونيخ ضمن الدور الـ16.
كان النادي العاصمي أحد أكثر الفرق نشاطاً في سوق الانتقالات الصيفي، وشكّل انتقال نيمار إلى نادي الهلال مقابل 90 مليون يورو كما رحيل ليونيل ميسي وسيرجيو راموس بالمجّان، أبرز المغادرين. مقابل ذلك، صرف النادي أكثر من 300 مليون يورو لاستقدام 14 لاعباً برز منهم راندل كولو مواني (95 مليون يورو)، مانويل أوغارتي (60 مليون يورو)، عثمان ديمبيلي (50 مليون يورو)، لوكاس هيرنانديز (45 مليون يورو)، ميلان سكرينيار وماركو أسينسيو (صفقتان مجانيتان)... أما المفاجأة فتمثّلت باستمرار نجم الفريق كيليان مبابي داخل أسوار ملعب حديقة الأمراء بعد صيفٍ «ساخن» نبّأ بانتقاله إلى ريال مدريد تحديداً.
وحقّق بي إس جيه بداية جيدة في الدوري هذا الموسم جعلته يحتل الوصافة حتى الجولة الرابعة بانتصارين وتعادلين، ويبدو الفريق متوازناً أكثر في الملعب وخارجه على خلفية استقدام لاعبين مؤثرين كما رحيل آخرين تسبّبوا بطريقة أو بأخرى في انقسام داخل غرفة الملابس خلال الموسم الماضي.
تجدر الإشارة إلى وقوع باريس سان جيرمان في مجموعة صعبة ضمن استحقاق دوري الأبطال للموسم الحالي، حيث سوف ينافس بوروسيا دورتموند الألماني وإي سي ميلان الإيطالي ونيوكاسل يونايتد الإنكليزي على بطاقتَي العبور إلى الدور الستة عشر. يجب أن تكون المجموعة الجديدة متعطّشة للمنافسة على كلّ الألقاب المتاحة، تحت إشراف مدرب سبق له أن فاز بدوري أبطال أوروبا موسم 2014/2015 رفقة برشلونة. فهل يحصد القطريون بملايينهم دوري الأبطال أخيراً كما فعلت الإمارات مع مانشستر سيتي في الموسم الماضي أم يستمر مسلسل الإخفاق؟