فازت إدارة باريس سان جيرمان بجولةٍ أخرى على نجمها كيليان مبابي، الذي رضخ للضغوط وفشل مرةً جديدة في فرض خروجه من نادي العاصمة الفرنسية. هو الأمر عينه الذي حصل سابقاً لكن بحدّة أقل، وانتهى بتمديد قائد منتخب فرنسا لعقده الذي ينتهي مع نهاية الموسم الحالي.هي المشكلة التي أشعلت الحرب بين الطرفين، وهي المشكلة التي يمكن أن تُحلّ قريباً ويضع مبابي حبره على الورقة الممهورة بشعار الـPSG. هذا يعني أن حلم ريال مدريد بالتعاقد معه في الصيف المقبل من دون مقابل سيتبخّر إلى موعدٍ غير محدد.
لكن مهلاً، مبابي أيضاً يحلم بارتداء قميص الفريق الملكي، فما الذي قد يجعله يبدّل رأيه بعدما كان مستعداً لتهديد مسيرته من أجل عيون النادي الملكي؟

رحيل ميسي ونيمار
الواقع أن الوضع في باريس سان جيرمان تغيّر كثيراً بعدما تسارعت الأحداث في الأسابيع القريبة الماضية، ما يرفع من أسهم بقائه لكن من دون الجزم بأن هذا الأمر سيحصل حتماً.
أوّل هذه الأسباب تغيّر نمط المشروع الباريسي بالنسبة إلى عملية بناء الفريق من أجل تحقيق الأهداف القصوى، إذ من الواضح أن مبابي أراد أن تكون الأضواء مسلّطة عليه دون أي أحدٍ سواه، وهو ما لم يحصل بوجود الثنائي الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار. الأول سبق أن «ارتاح» منه باكراً، لكن الثاني بقي عثرةً أمام احتكاره النجومية المطلقة، وهذا ما دفعه إلى التصعيد خلال فترة الانتقالات الصيفية. لكن من الملاحظ أن وتيرة حدّة مبابي انخفضت مع إعلان رحيل نيمار إلى الهلال السعودي.
هذا الأمر يعني أن مبابي هو اللاعب الأعلى قيمةً في الفريق على مختلف الأصعدة، وهو «الآمر الناهي» في ما خصّ كل الخيارات المتعلقة بالمنظومة الفنية التي ستؤمن له عملية تسجيل الأهداف وتحقيق الأرقام المميّزة.
من هنا، يظهر دافعٌ كبير قد يشجع مبابي أكثر على المضي قدماً في عملية تجديد عقده مع الـPSG، إذ من الواضح أن النجم الفرنسي يبدو مرتاحاً أكثر عندما يلعب مع منتخب بلاده بحيث وضع المدرب ديدييه ديشان مجموعةً من اللاعبين في خدمة الاسم الأكبر في المنتخب. هؤلاء خلقوا الجوّ المناسب لمبابي للتألق، وهو تصرّف كقائدٍ ونجمٍ أوحد، فما كان من باريس سان جيرمان إلا العمل على نسخ جزءٍ مفضّل لدى مبابي من المنتخب الفرنسي، وجلب عناصر يتفاهم معها بشكلٍ كامل، ويمكنها تعزيز حضوره القوي على أرض الملعب.
عاد الـ PSG لإرضاء مبابي عبر جلب زملائه المفضلين في المنتخب للّعب معه


هذا يفسّر مسارعة الـPSG على التعاقد مع المدافع الدولي لوكاس هرنانديز رغم أن الأخير يواجه خطر الغياب الدائم عن المباريات بسبب الإصابات المتلاحقة. كما استُقدم دولي فرنسي آخر هو عثمان ديمبيلي رغم رفض الفكرة سابقاً بسبب إصابات الأخير أيضاً ومزاجيّته التي أثّرت على احترافيته مع بوروسيا دورتموند الألماني وبرشلونة الإسباني. أما الإضافة الفرنسية الأخرى فكانت في التعاقد مع المهاجم كولو مواني الذي بدا واضحاً أنه لا يمانع أن يلعب دور المهاجم الثاني في المنتخب ولا «يسرق» الأهداف من أمام مبابي الذي سيستفيد بلا شك من حيويته وسرعته وقدرته على إيصال زملائه إلى المرمى.

إنريكه وإيثان هنا
مبابي قد يكون سعيداً بالبقاء فعلاً، وهو احتمال يعيدنا إلى المباراة الأخيرة التي فاز فيها فريقه على ليون (4-1) في الدوري الفرنسي، حيث بدا وكأن المدرب الإسباني لويس إنريكه بنى منظومةً هجومية تتكيّف مع أسلوب نيمار وتتمحور حول إسعاده بتمرير الكرة إليه في المنطقة الساخنة لتسجيل الأهداف. مسألةٌ لا بدّ أن تحفّز أي مهاجمٍ لعدم ترك فريقه، وخصوصاً في حال كان مدربه يهوى الأسلوب الهجومي. أضف أن اللاعبين الذين تعاقد معهم سان جيرمان في الصيف الحالي يعملون في خدمة المنظومة رغم نهمهم الهجومي، أمثال الإسباني ماركو أسينسيو والكوري الجنوبي لي كانغ - إن.
أما العامل الأخير فهو عائلي، إذ إن المعلومات تفيد بأن عائلة مبابي تريد البقاء في باريس في الفترة الحالية، وترى أن تطوّر ابنها الآخر إيثان مرتبط ببقاء شقيقه مع باريس سان جيرمان بعدما سجّل ظهوره في الفريق الأول للمرة الأولى هذا الموسم، ما يعني أن كيليان قد يبقى لسنواتٍ إضافية من أجل العائلة.
كل هذا العرض هو بمثابة الخبر السيئ بالنسبة إلى ريال مدريد الذي قيل إنه لديه اتفاقاً مسبقاً مع مبابي لنقله إليه في صيف عام 2024 من دون أي مقابل، فلمن ستكون الصدمة للفريق الملكي أم لنظيره الباريسي؟