منذ مطلع الألفية، عرف تشيلسي ثلاث حقبات مهمة: ما قبل المالك الروسي رومان أبراموفيتش، حقبة أبراموفيتش، وما بعد «الحوت» الروسي. تميّزت الأولى بمنافسة الفريق اللندني في الدوري على المقاعد الأوروبية وبأقل التكاليف المادية الممكنة، مع تحقيقه بعض «المفاجآت» أحياناً على صعيد الكؤوس، محليةً كانت أو ضمن القارة العجوز. اشترى بعدها أبراموفيتش النادي عام 2003 وتغيّرت الأمور رأساً على عقب. ملايين صُرفت لبناء فريق قادر على المنافسة، عادت على تشيلسي بسلسلة ألقاب محلية وأوروبية، كان أبرزَها 5 ألقاب دوري إنكليزي ولقبان في دوري أبطال أوروبا.ومع اندلاع الحرب الروسية ـ الأوكرانية، تنحّى أبراموفيتش عن عرشه عام 2022، مرغماً من الوسط الإنكليزي، على خلفية «شبهات ارتباطه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين»، وسلّم الشعلة إلى المالك الأميركي تود بولي الذي يشرف حالياً على الحقبة الثالثة «الضبابية».
(أ ف ب )

رؤية بولي لتشيلسي تحاكي النظرة الأميركية إلى الرياضة، ولكل شيء عموماً: تجارية بحت. المؤشرات ظهرت خلال الأسبوع الأول من إشرافه على النادي اللندني، عندما استضاف في أحد قصوره رؤساء الأندية الإنكليزية إلى حفلة عشاء لتقديم نفسه. وخلال اللقاء، طرح بولي على الحاضرين مشاريع لزيادة أرباح الدوري الإنكليزي، مقارناً قلة عائدات «بريميرليغ» بما تجنيه الرياضات الأميركية، رغم الشعبية الجارفة للكرة الإنكليزية. اقتراحٌ نال سخط الحاضرين حينها، والوسط الإنكليزي عموماً، بعد أن تسرّب إلى الصحافة.
عليه، ظلّت أفكار بولي حبراً على ورق الملّاك، لكنه لم يتردّد في تطبيقها على ناديه تشيلسي. سرعان ما تمّ بيع العديد من اللاعبين ذوي الأجور المرتفعة والأعمار المتقدّمة، واستُبدلوا بلاعبين صغار «واعدين» مقابل أجور مقبولة، تتوزّع على عقود طويلة الأجل، تحت قيادة مدرب قادر، نظرياً، على استخراج أفضل ما فيهم.
ابتعاد تشيلسي عن منصات الألقاب والمنافسة لا يحاكي أبداً الحقبتين السابقتين


سياسة اتّصفت بجوانب إيجابية وأخرى سلبية. في ما يتعلق بالشق الأول، ساهمت أساليب تشيلسي «غير التقليدية» بتوزيع النفقات على عقودٍ طويلة الأجل على لاعبين شباب ذوي أجور مقبولة، في توازي الدفاتر المحاسبية والحؤول دون اختراق قواعد اللعب المالي النظيف، خاصةً أن نفقات التوقيعات الباهظة التي قاربت المليار دولار توازت مع عائدات ضخمة من بيع اللاعبين أيضاً. هذه السياسات أخرجت تشيلسي من دائرة التساؤل عندما دقّق الدوري الإنكليزي الممتاز في ميزانيات الأندية، وثبّت تباعاً قانونية حسابات «البلوز» مع الإدارة الجديدة. عليه، كان تشيلسي، ولا يزال، قادراً على التوقيع مع لاعبين جدد، طالما أنه يوازي ذلك بعائدات البيع، وهو ما يجعله يركّز على بيع لاعبين شباب خرجوا من أكاديميته، أمثال مايسون ماونت سابقاً والآن كونور غالاغر وآرماندو بروخا (كما يشاع في الوسط الإنكليزي)، لما يشكّله هؤلاء اللاعبون من أرباح «صافية» عند بيعهم.

(أ ف ب )

أما الجانب السلبي، فقد تمثّل بابتعاد النادي عن منصات الألقاب لعامين تقريباً، كما مراكز الدوري المتقدّمة التي تتيح المشاركة في المسابقات الأوروبية، وهو ما لا يحاكي أبداً الحقبتين السابقتين لتشيلسي، مع رومان أبراموفيتش وقبله.
وفي محاولةٍ لوضع النادي على السكة الصحيحة مجدّداً، ينتظر تشيلسي أسبوعٌ حاسم. سيكون المدرب ماوريتسيو بوكيتينو مطالباً بالفوز اليوم وتعويض الهزيمة خارج الديار أمام ميدلزبره (1-0 خارج الديار) لبلوغ نهائي كأس الرابطة. وفي نهاية الأسبوع، تنتظر تشيلسي مباراة مهمة أمام أستون فيلا ضمن كأس الاتحاد الإنكليزي الجمعة، (21:45 بتوقيت بيروت) على ملعب ستامفورد بريدج، قبل التوجه الأربعاء إلى ملعب أنفيلد لمواجهة ليفربول (قد يواجه تشيلسي في نهائي كأس الرابطة في حال تأهّل الفريقين) في الدوري، (22:15 بتوقيت بيروت)، ضمن محاولة لاستمرار نغمة الانتصارات المحلية والاقتراب أكثر من مقاعد المقدّمة.
فاز تشيلسي بأربع من آخر 5 مباريات له في مختلف المسابقات مقابل هزيمة جاءت أمام طرف الليلة، وهو ما يؤشر إلى تقدّم ملموس بعد عامين من التخبط. يبدو الفريق منظّماً أكثر في الفترة الأخيرة مع تأقلم العناصر الجُدد رفقة المدرب، وسط ترجيحات بأن تعطي عودة المصابين دفعة أكبر «للبلوز». الأكيد هو أن المباراة الأهم في موسم تشيلسي ستُلعب اليوم، وسيكون لها أثر مباشر في مستقبل النادي، فنياً وإدارياً.