الدوحة | قد يكون مؤلماً الشعور بعدم التأهل إلى الدور الثاني من بطولة آسيا للمنتخبات لكرة القدم، لكن ما هو أكثر إيلاماً هو التأهل، ومن ثم الخروج من البطولة في مباراة واحدة وفي خلال دقائق معدودة...هذا ما حصل مع لبنان منتخباً ولاعبين وإداريين ومسؤولين وجمهوراً... مساء أمس تأهّل لبنان إلى الدور الثاني من البطولة الآسيوية في العاصمة القطرية الدوحة، ومن ثم عاد وخرج من البطولة. تأهّل بعد أن تقدّم على طاجيكستان (1- 0) بهدف باسل جرادي في الدقيقة 48، وعاد وخرج بعد تلقّيه هدفين ليخرج خاسراً بنتيجة (1-2).
على ملعب جاسم بن حمد الخاص بنادي السدّ والذي احتضن المباراة الثالثة لمنتخب لبنان ضمن المجموعة الأولى، عاش اللبنانيون مشاعر وطنية، حماسية، وكذلك مشاعر القلق، الفرح، الحزن والخيبة، وهي مشاعر خبرها كل من كان في ملعب السد أو من تابع المباراة من على شاشة التلفزيون.
(الدوحة ـ طلال سلمان)

نهار أمس كان لبنانياً بامتياز، حضر العلم اللبناني ومعه الجمهور، سواء المقيم أو الزائر منذ ساعات الصباح الأولى. سار الجمهور اللبناني على خطى نظرائه العرب على صعيد الاحتفال وإطلاق الأهازيج في سوق واقف، الذي يُعتبر قلب بطولة آسيا في قطر. الحديث الأول منذ الصباح الباكر هو بطاقات الحضور. كانت الشغل الشاغل للمعنيين على جميع الصعد، قبل أن ينتقل الحديث إلى ما يحصل خارج الملعب قبل ساعة ونصف ساعة على بداية المباراة. حضر الجمهور اللبناني بأعداد كبيرة فاقت العشرة آلاف مشجع.
عاش اللبنانيون مشاعر متضاربة من الفرح والحزن والخيبة


المسؤولون في الاتحاد الآسيوي أعلنوا أن الحضور الجماهيري بلغ 11,843، وقد لا يكون مبالغة في القول إن 95% منهم لبنانيون. هذا كان واضحاً من خلال الأجواء التي سيطرت على المدرجات. من لحظة دخول المنتخب اللبناني قبل انطلاق المباراة، مروراً بعزف النشيد الوطني وصولاً إلى لحظات إلغاء هدفين لطاجيكستان بداعي التسلل، بعد العودة إلى تقنية فيديو الحكم المساعد. هذه التقنية التي أعطت اللبنانيين بيدها اليمنى وأخذت منهم باليسرى. حافظت على شباكهم نظيفة مرتين لكنها أفقدتهم قائد دفاعهم قاسم الزين الذي نال بطاقة حمراء شهرها في وجهه الحكم بعد أن كان منحه بطاقة صفراء قبل أن يعود إلى الـVAR ويقرر رفع البطاقة الحمراء في الدقيقة 55. هذه الدقيقة التي كانت نقطة تحول في المباراة حيث لعب لبنان بعدها منقوصاً وهو متقدّم في النتيجة لينتفض الطاجيك ويسجّلوا هدفين كانا كافييْن لإنهاء مسيرة منتخب لبنان في بطولة آسيا.

(الدوحة ـ طلال سلمان)

انتهت المباراة وخيّم الحزن على الأجواء اللبنانية. معظم لاعبي المنتخب على الأرض. بعضهم يذرفون الدموع. قسم منهم يبكي بشكل ظاهر وآخرون يبكون في داخلهم. يبكون على حلم ضاع بعد أن كان في متناول اليد.
لكنّ المشهد الأكثر ألماً كان في منطقة الإحماء الداخلية المقابلة لغرف ملابس اللاعبين. هناك جلس قاسم الزين في الزاوية يبكي، وإلى جانبه مدير المنتخب رشيد نصار الذي يحاول أن يواسيه ليجد أنه هو من يحتاج إلى المواساة. يشعر الكابتن قاسم بالذنب. يعلم أن طرده كان سبباً رئيسياً في الخسارة والخروج.
هنا تشعر بأنّك ترغب في شكره وشكر كل من عمل في المنتخب، من رأس الهرم الكروي إلى أسفله. تشكرهم على المشاعر الجميلة التي عاشها الجمهور، رغم عدم اكتمالها. تشكرهم على منحك شعور التأهل ولو لفترة قصيرة. قد يكون فرح التأهل مشروعاً لكل لبناني. هذا قائم في الظروف الطبيعية، لكن في ظل الظروف التي تعيشها الكرة اللبنانية وغياب أي دعم رسمي لها يصبح الحلم حبراً على ورق، في بلد لا يُسمح لأي أحد فيه بالفرح.