كيليان مبابي ليس اللاعب الفرنسي الوحيد المطلوب، فالطلب على أبناء بلده كبير جداً، بحيث بات اللاعبون الفرنسيون الأكبر عدداً كلاعبين أجانب في أهم أندية البطولات الكبرى، والأكثر طلباً في سوق الانتقالات.هي مسألة ليست مفاجئة لأن فرنسا كانت سبّاقة في تخريج عددٍ ضخم من المواهب بفضل الأكاديميات المُنتجة والكثيرة المنتشرة في الدرجات المختلفة لبطولاتها، فأصبح القاسم المشترك بين الفرق المعروفة هو وجود لاعبين فرنسيين كأجانب في صفوفها.
أمرٌ مميّز بالفعل، وقد التقى مع ظهور فرنسا بصورةٍ مميّزة على الصعيد الدولي من ناحية منتخبها الذي «سوّق» بشكلٍ غير مباشر جودة اللاعب الفرنسي الذي كان مطلوباً بشكلٍ أكبر من أيّ لاعبٍ يحمل جنسيةً أخرى طوال سنةٍ كاملة، صرفت خلالها الأندية ملياراً و292 مليون دولار أميركي من أجل التعاقد مع اللاعبين الفرنسيين، وكان أغلاهم طبعاً المهاجم الدولي راندال كولو مواني الذي انتقل من إينتراخت فرانكفورت الألماني الى باريس سان جيرمان بطل فرنسا مقابل 102.5 مليون دولار.

الفرنسيون الأكثر إنفاقاً
ولهذا السبب، يبدو مبرّراً أن تأخذ الأندية الفرنسية مكان نظيرتها الإنكليزية المركز الأول على صعيد الإنفاق خلال «الميركاتو» الشتوي الأخير، إذ إن العائدات التي حصلت عليها جراء بيعها الكثير من لاعبيها، خلقت لديها قدرةً شرائية كبيرة، فصرفت 292 مليون دولار الشهر الماضي من أجل التعاقد مع لاعبين جدد.
واللافت أن هذا التفوّق لم يطاول الأندية الإنكليزية فقط، رغم الفارق الكبير بين الـ«ليغ 1» والـ«بريميير ليغ»، فاللاعبون الفرنسيون تمكّنوا من إزاحة البرازيليين عن عرش المواهب المرغوبة، إذ لم يعد الطلب على «راقصي السامبا» أكثر من لاعبي فرنسا في السنة التي مضت، بحيث إن الأندية حول العالم صرفت ما مجموعه 953 مليون دولار لشراء البرازيليين، فكانت أكبر الصفقات تلك التي حملت نيمار من باريس سان جيرمان الى الهلال مقابل 98.4 مليون دولار.
ويمكن اعتبار أن البلدان المنتجة بوفرة للمواهب سنوياً بقيت في المراكز الأولى في ما خصّ المبالغ التي دخلت الى الأندية التي باعت لاعبين يحملون جنسيتها، إذ إن مبلغاً وصل الى 526.7 مليون دولار صُرف من أجل ضم لاعبين هولنديين، واقتربت منها بريطانيا (إنكلترا، ويلز، واسكوتلندا) بـ 517.4 مليوناً بفعل الصفقة الضخمة التي عبر خلالها النجم الإنكليزي جود بيلينغهام من بوروسيا دورتموند الألماني الى ريال مدريد الإسباني مقابل 111 مليون دولار.
تفوّقت فرنسا على البرازيل ببيعها لاعبين مقابل مليار و292 مليون دولار


أوروبا تتفوّق على اللاتينية
إذاً ها هي أوروبا تسيطر على كرة القدم في الملاعب والمكاتب، متفوّقةً مرةً جديدة على أميركا الجنوبية التي واجهتها غالباً في كل الميادين عبر قطبَيها البرازيل والأرجنتين بحيث كانت الأخيرة حاضرة أيضاً في عملية تصدير اللاعبين بمجموعٍ بلغ 509.7 ملايين دولار، لتتقدّم مجدداً على البرتغال المتسلّحة بأكاديمياتها الشهيرة الخاصة، ومجموعة كشافيها المنتشرين حول العالم لنقل المواهب الى أندية: بنفيكا، سبورتينغ لشبونة، بورتو، وغيرها، وقد بقي الطلب كبيراً على اللاعبين البرتغاليين الذين انتقلوا الى أندية جديدة مقابل 397 مليون دولار، متقدّمين على نظرائهم الكروات الذين صرفت من أجلهم الأندية 361 مليون دولار.
أما المفاجأة فكانت في تراجع الطلب على اللاعبين الإسبان الذين لم ينتقلوا بأكثر من 280 مليون دولار، لا بل إنهم وقفوا خلف الإيطاليين الذين بيعوا مقابل 299 مليون دولار، بينما سجّل البلجيكيون والصرب تراجعاً ملحوظاً، إذ وصلت أرقام هؤلاء الى 278.7 مليوناً و223 مليوناً على التوالي.
كل هذه الأرقام التقت مع بقاء مواهب افريقيا ونجومها خلف أقرانهم الأوروبيين والأميركيين اللاتينيين، إذ رغم الأعداد الكبيرة من اللاعبين الذين تصدّرهم القارة السمراء سنويّاً، بقيت قيمة اللاعبين الأفارقة أقلّ كونهم يخرجون غالباً من بلدانهم الأمّ بمبالغ لا تقارن بانتقال أيّ لاعبٍ أوروبي من نادٍ الى آخر في البطولات الكبرى. وبهذا تصدّر النيجيريون القائمة بـ 189 مليون دولار، أمام لاعبي غانا الذين بلغت القيمة الإجمالية لصفقات انتقالهم 162.9 مليون دولار.