لن تكون الجولة الختامية لأوّل سداسيّة من أصل ثلاث للأندية الأوائل في الدوري اللبناني لكرة القدم، على شاكلة كلّ الجولات السابقة، فهي ستشهد صراعاً أقوى بين ثلاثة فرق على صدارة الترتيب العام، والأهم أنّ عنوانها الأساسيّ سيكون «دربي» نارياً بين الأنصار والنجمة يرى فيه الطرفان بلا شك محطةً أساسيّةً في سعيهما إلى خطف اللقب من العهد.هذا الأخير سيكون أمام فرصة متاحة للعودة وحيداً إلى رأس جدول الترتيب، وهو الذي يقابل الراسينغ، متذيل ترتيب سداسية الأوائل، اليوم الخميس الساعة 15.00 على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية.
الانتصار المحتمل منطقياً للعهد الفائز في الأسبوع الافتتاحي للموسم الحالي على الراسينغ (5-1)، لا يعطيه فقط صدارةً منفردةً، بل سيضع ضغوطاً يبدو الأنصار والنجمة بغنى عنها، ولو أنّ «الأخضر» يتساوى مع بطل الموسم الماضي نقاطاً، ولا يبتعد «النبيذي» عنهما إلا بفارق نقطةٍ واحدة فقط.

طرابلس تنتظر الجمهور
من هنا، ستتركّز الأنظار على ذاك «الدربي» التاريخي الذي يُقام غداً الجمعة الساعة 15.00 على ملعب رشيد كرامي البلدي في طرابلس.
وبمجرد إعلان اسم الملعب الذي سيستضيف المواجهة التقليدية بين قطبَي بيروت، يمكن فهم حجم ما ينتظر جمهور اللعبة من ختامٍ حافلٍ للجولة، إذ على عكس ما جرت عليه العادة في المدة الأخيرة، تمّ نقل المباراة إلى طرابلس بدلاً من إقامتها في جونية وسط توقّعات تشير إلى تدفّقٍ جماهيري إلى مدرّجات الفريقين، وهي مسألة تبدو طبيعية في ظل اعتبار عاصمة الشمال قلعة أنصارية منذ زمنٍ بعيد، بينما اعتاد جمهور النجمة تسجيل حضوره القويّ أينما حلّ فريقه، وخصوصاً في المحطّات الحاسمة على صورة المرحلة الحالية التي وصل إليها الدوري.
هذا كلّه يفرض القول إنّ اللقاء المرتقب الذي يحمل الرقم 111 بينهما على مستوى البطولات الرسمية المحلية، قد يحمل في طياته إثارةً أكبر من تلك التي عرفتها مواجهتهما الأولى في كانون الأول الماضي عندما صدم الأنصار النجمة فائزاً عليه (5-1)، وهي خسارة أحدثت ارتدادات واسعة في النادي الشعبي وصلت إلى إقالة المدير الفني البرتغالي باولو مينيزيس، إذ صحيحٌ أنها كانت السقطة الأولى له في مسيرته مع النجمة في الدوري، ولكنّه حملها معه حتى الخسارة الثانية أمام الصفاء التي أطاحت به، إذ بالنسبة إلى أي نجماوي إن كان مشجّعاً أو إدارياً، لا يمكن تقبّل فكرة التعرّض لهزيمة قاسية بهذا الشكل أمام الغريم اللدود.
تعود طرابلس لتحتضن «دربي» بيروتيّاً جماهيرياً اليوم الساعة 15.00


الهجوم هو العنوان
بكلّ الأحوال، أهمية المباراة تتخطّى الاعتبارات كلها أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وهذا ما يمكن لمسه عبر الإجراءات المعتمدة من قبل الناديين، ففي النجمة مثلاً كان العمل على إبعاد اللاعبين عن أي تشويش في الأيام الأخيرة، وقد منعت عنهم حتى المقابلات الصحافية في الملعب أو خارجه. أما في المعسكر الأنصاري، فقد سارع الجهاز الإداري إلى التواصل سريعاً مع الجهات الطرابلسية لتأمين ملعبٍ لخوض تدريب في عاصمة الشمال عشية المباراة.
لكن يبقى العمل كلّه منوطاً بالمدربَين واللاعبين، والأنظار في هذا الإطار تتركّز على الأنصار الذي أبدع وأمتع في الجولات الثلاث الماضية، مسجّلاً 12 هدفاً. واللافت أنه لا يمكن التنبّؤ بهوية المسجّلين الأنصاريين، إذ لم يعد الأمر محصوراً بالسنغالي الحاج مالك أو حسن معتوق، فالجرأة الهجومية التي يعتمدها «الزعيم» تبدو استثنائية مقارنةً بكل منافسيه، وخصوصاً في ظل المرونة التي خلقها مدربه يوسف الجوهري بين لاعبي الوسط والهجوم وعدم ممانعته إعطاء أدوار حرّة للجميع للتقدّم وخلق الإضافة الهجومية، ما داموا ملتزمين بواجباتهم الدفاعية.
بدوره، قد يكون النجمة قادراً على مواجهة الأنصار والحدّ من خطورته عبر القدرات الفردية لمدافعيه، ولكن بعض الثغرات بدت حاضرةً عند انجرافه إلى الأمام، إذ فقد الفريق توازنه بعض الشيء في بعض المناسبات. وهذه النقطة معالجتها مطلوبة على اعتبار أنّ المدير الفني الجديد الصربي دراغان يوفانوفيتش لا يختبئ أمام أيّ فريق، بل يهوى الهجوم، وهو الذي أطلق العنان للمهاري ربيع عطايا، الذي يُعدّ الاسم الأبرز حالياً في خطّ المقدّمة، وذلك في الوقت المناسب على اعتبار أنّ المهاجم البرازيلي الجديد إفرتون ناسيمنتو بدا شبحاً لذاك اللاعب الذي تألّق في الملاعب البحرينية تحديداً مع أهم فرقها، ووصل إلى لبنان حاملاً سيرةً ذاتية مميّزة، ولكن لم يرشح أي شيءٍ منها حتى هذه اللحظة، ليكون بالتالي «الدربي» مناسبةً مثالية له لتقديم نفسه إلى جمهور النجمة، وإفراحه بانتصارٍ سيساوي أكثر من ثلاث نقاط إذا ما تحقّق.