لكن تمرُّد «فاغنر» كان مناسبةً لكي يذكّر زعيم «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كيليتشدار أوغلو، بتنظيم تركي مشابه، إذ قال: «إذا كان لروسيا «فاغنر»، فلتركيا «سادات» (SADAT)»، مضيفاً أن هذا الأخير «يدعو إلى هدم الدولة التركية وتغيير لغتها وعلَمها ودستورها»، آملاً في أن يكون ما حدث في روسيا «درساً لتركيا... حذّرتُ حكومة القصر أكثر من مرة من مسألة «سادات»». لكن رئيس الشركة، مليح تانري فيردي، قرّر إقامة دعوى على كيليتشدار أوغلو، قائلاً إنه «إذا لم يثبت اتهاماته، فسيكون بلا شرف».
و«سادات» شركة أمنية تركية خاصة، تُقدّم استشارات وخدمات في الداخل التركي وفي الخارج، ومؤلّفة من عناصر مدربين وأسلحة وخطط وبرامج. ووفق الرئيس الحالي للشركة، فإن كل الطلبات التي تتلقّاها شركته من الدول الخارجية، تتمّ إحالتها أولاً على وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات ووزارة الدفاع. وقد لاحظت وسائل الإعلام أن القمّة الأمنية التي عقدها إردوغان في القصر الجمهوري عشية عملية عفرين عام 2018، شملت وجود ممثّل عن شركة «سادات». كما تضمّن تقرير للقيادة المركزية الأميركية في أفريقيا لعام 2020، أن خمسة آلاف من «الجهاديين» السوريين في ليبيا، من الذين حاربوا إلى جانب الجيش التركي ضدّ اللواء خليفة حفتر، تلقّوا تدريباتهم ومعاشاتهم من منظّمة «سادات». كذلك، يقال إن المنظّمة لعبت دوراً مهمّاً في قمع انقلاب عام 2016. وعلى رغم كل هذه الادّعاءات والاتهامات، إلّا أن «حزب العدالة والتنمية» وشريكه «حزب الشعب الجمهوري»، لا يزالان يرفضان مناقشة الموضوع في البرلمان التركي.
شبّهت صحيفة «صباح» الموالية، تمرُّد «فاغنر» بـ«محاولة الانقلاب العسكري» في تركيا
ويُعرف عن مؤسّس «سادات»، عدنان تانري فيردي، أنه معادٍ لمصطفى كمال أتاتورك، ذلك أن «الجمهورية التي أسّسها ألحقت الضرر بالدين الإسلامي، وجعلت تركيا غريبة عن العالم الإسلامي». وتجدر الإشارة إلى أن الشركة تأسّست في 28 شباط عام 2012، واسمها الكامل: «شركة الاستشارات الدفاعية الدولية وصناعة البناء والتجارة». أمّا مؤسّسها، فهو مستشار سابق لإردوغان، وعميد سابق في الجيش تمّ فصله عام 1997 في إطار حملة التصفية التي شنّتها المؤسّسة العسكرية على العناصر «الرجعيين»، أي الإسلاميين المتشدّدين. والشركة أخذت علماً وخبراً رقمه 8015 في جريدة السجل التجاري. وفي عام 2020، استقال عدنان تانري فيردي من رئاسة الشركة، وتولّى ابنه مليح مكانه. ووفق بعض وسائل الإعلام، فإن الشركة تأسّست بتعليمات من «حزب العدالة والتنمية»، وإن رئيسها كان مستشاراً لإردوغان بين عامَي 2016 و2019، ولعبت دوراً مهمّاً في مواجهة الانقلاب العسكري.
وتقدّم الشركة، وهي الأولى من نوعها في هذا المجال في تركيا، خدمات لمكافحة الإرهاب والأمن الداخلي، ويقال إنها تأسّست من أجل تقديم مثل هذه الخدمات للدول ذات الغالبية الإسلامية. وغالباً ما تضمّ الشركة عناصر سابقين في الجيش التركي، علماً أنها عملت في ليبيا وسوريا وبوركينا فاسو وغيرها من الدول الخارجية. وقد وصفها كيليتشدار أوغلو بأنها «مؤسّسة موازية»، وتخرّج إرهابيين، وبأنها تولّت أدواراً مختلفة في سوريا بتعليمات من إردوغان. وكان رجل «الجريمة المنظّمة»، سادات بيكير، الموجود منذ سنوات في الإمارات، قد اتّهم الشركة بأنها كانت تصدّر الأسلحة إلى تنظيم «القاعدة»، وإلى فرعه السوري «جبهة النصرة».