وكان لوضع الحجر الأساس للمشروع، صدًى واسع في إيران، ولا سيما أنه نُظر إليه من زوايا مختلفة. وفي هذا الإطار، تطرّقت صحيفة «تجارت» إلى أثر الربط السككي بين شلمجة والبصرة، على توسيع العلاقات الاقتصادية بين إيران والعراق، على اعتبار أن طهران «أخذت في الاعتبار تصدير 20 مليار دولار كهدف استراتيجي لها»، وأن «هذا الخط السككي، يضطلع بلا ريب بدور بالغ في وضع هكذا هدف موضع التطبيق». وفي المرحلة الحالية، تبلغ قيمة الصادرات الإيرانية إلى العراق ما بين 12 و13 مليار دولار سنوياً، 9 مليارات منها سلع عامّة يصدّرها القطاع الخاص، والـ3 مليارات المتبقّية متعلّقة بصادرات الكهرباء والطاقة. ويرى الخبير الإيراني في الاقتصاد السياسي ومحلّل قضايا أوراسيا، مهدي خورسند، أن خطّ شلمجة - البصرة، يحظى بأهميّة من الناحية السياسية والجيوسياسية، إلى جانب أهميته الاقتصادية، موضحاً أن «مكانة إيران في ممرّات الشمال في اتجاه الجنوب أو الشرق في اتجاه الغرب، تتميّز بأهمية، لأنها ستحقّق مكاسب سياسية مهمّة إلى جانب المنجزات الاقتصادية. وبشكل عام، فإن الوقوع في الطرق الدولية يسهم، على خلفية المزيد من التواصل مع الجيران، في تعزيز موقع طهران في منطقة غرب آسيا بوصفها عمقاً استراتيجيّاً للجمهورية الإسلامية». ومن الناحية الدولية «يستطيع تكثيف طاقات إيران وقدراتها الاقتصادية - السياسية ويزيد من ثقلها السياسي».
يبلغ طول الخطّ الحديدي 32 كيلومتراً، ويَربط منطقة شلمجة الحدودية في محافظة خوزستان الإيرانية، بميناء البصرة العراقي
في المقابل، تلفت الصحافية الاقتصادية، شكوفه حبيب زاده، في تقرير لها في صحيفة «هم ميهن»، إلى العقبات التي تعترض طريق بناء «شلمجة - البصرة»، إذ انطلاقاً من كون هذا المشروع «جزءاً من ممرّ الشرق - غرب الذي يقع ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية»، وفي ضوء دخول الصين على خطّ هذه الصفقة، «فإنه سيشاهد بطبيعة الحال موطئ قدم لأميركا بوصفها أهمّ معارض للمشروع. كما تُعدّ أوروبا وتركيا والسعودية، من المعارضين الآخرين لهذا الربط السككي، لأن أسواق لبنان وسوريا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، تُعتبر مناطق نفوذها»، بحسب حبيب زاده.
من جهته، يُرجع جهانبخش سنجابي شيرازي، الأمين العام لـ«غرفة إيران والعراق المشتركة»، في مقال، «إصرار السلطات العراقية على أن يكون خط شلمجة - البصرة السككي مُخصّصاً لنقل المسافرين فقط، إلى سببين: الأول، استثمارات الإمارات العربية المتحدة والشركات الأوروبية في ربط ميناء الفاو العراقي بتركيا، ومن أجل ألّا يجلب هذا الربط السككي، تبعات سيئة للطرف العراقي؛ والثاني، تهدئة المعارضين الداخليين والإقليميين والدوليين بسبب التعاون الثنائي بين إيران والعراق». ويضيف: «ما زلت غير متفائل بأن يُنفّذ الربط السككي بين إيران والعراق خلال فترة الـ24 شهراً المقرّرة، بيد أن النقطة الإيجابية في الموضوع، تكمن في إرادة الطرف العراقي ربط خطّ السكك الحديد. وعلى رغم إصراره على أن يكون مُخصّصاً لنقل المسافرين، لكن، ونظراً إلى تحسُّن العلاقات وتغيّر الظروف، فإن هذا المشروع سيحقّق في المستقبل حتماً نتائج أخرى تتجاوز عملية نقل المسافرين».
وفي الاتجاه نفسه، يعتبر الخبير في شؤون الترانزيت والنقل، علي ضيائي، أن التباين في مواقف المسؤولين الإيرانيين والعراقيين في شأن الربط السككي «ليس بهذه الأهمية»، لأن المهمّ، بحسبه، هو «تنفيذ الربط، ولاحقاً، فإن قضايا مثل أيّ بضائع سيتم حملها وأيّ أشخاص سيتم نقلهم، وبضائع أيّ بلد ستمرّ عبره، تتوقّف على المحادثات المستقبلية. الموقف الحالي الذي تتّخذه الحكومة العراقية، يأتي بسبب التيارات السياسية. وللوهلة الأولى، يجب الأخذ في الاعتبار أن هذه البنية التحتية قد استُحدثت، على أن يتمّ لاحقاً إجراء محادثات حول شحنات البضائع والمسافرين الذين سيتمّ نقلهم».