العلاقة التي تجمع بين تركيا من جهة، و«الإخوان المسلمين» السوريين من جهة ثانية، تحوّلت إلى حديث الساعة، وسط إعراب العديد من المراقبين عن اعتقادهم بأن أنقرة حسمت خيارها واختارتهم حليفاً مركزياً لها، على قاعدة أن هذه المجموعة الاسلامية هي البديل الأكثر تنظيماً من نظام بشار الأسد إذا حُسمت المعركة بغير صالح حكام دمشق. ولدى هؤلاء المؤمنين بعمق «التحالف» الذي يجمع بين أنقرة و«إخوان» سوريا الكثير من الأدلة، قد يكون أبرزها واقع استضافة المدن التركية أربع مؤتمرات للمعارضة السورية حتى الآن، غلب عليها طابع الإسلاميين. وفي هذا الموضوع، جالت «الأخبار» على بعض المراقبين والرسميين الأتراك لاستمزاج آرائهم حول حقيقة أو وهم «تحالف تركيا وحركة الإخوان المسلمين» السوريين. وترى الأستاذة الجامعية التركية نوراي ميرت، الصحافية البارزة في صحيفة «ملييت»، أنّ «الإخوان المسلمين» السوريين هم الحلفاء الأساسيون للساسة الأتراك اليوم، «لكن ليس لأنّ حزب العدالة والتنمية جذوره إسلامية»، فبرأيها تتعدى هذه العلاقة الهوية الاسلامية للتنظيمين التي تجعل من الطرفين قريبين بعضهما من بعض ايديولوجياً. وتشير إلى أن الغرب شجّع هذا التحالف بين الطرفين كثيراً، «ففي البداية، كانت علاقة أنقرة بنظام بشار الأسد ممتازة، وتطلّب الأمر وقتاً طويلاً ليحسم الساسة الأتراك باختيار المعارضة، وتحديداً الاخوان المسلمين».
كما ترى ميرت أن الإخوان المسلمين السوريين هم الطرف السوري المعارض الأكثر تنظيماً بين أطياف المعارضة السورية، رغم أنهم ليسوا بقوة «إخوانهم» المصريين. من هنا، تشير إلى أنّ كون «الاخوان» السوريين هم البديل الأقوى اليوم لنظام الأسد، كان من الطبيعي أن يكونوا الحليف الأبرز للأتراك، أضف إلى ذلك واقع أن الغرب «يبحث عن قوة من شأنها تعديل ميزان قوة إيران في الشرق الأوسط، ولهذا فإنّ هؤلاء الغربيين يعلّقون أهمية استثنائية على الاخوان المسلمين في الدول العربية».
قراءة تقدّمها ميرت لتخلص إلى أن الوضع في المنطقة حالياً متغيّر ويرسم خريطة جديدة، «يجب أن يرسو فيها ميزان قوى جديدة يخفف من حجم إيران وقوّتها». وضمن هذه الصورة، تبدو سوريا والأوضاع فيها شديدة الأهمية في رسم المستقبل، من دون أن ننسى أن لتركيا دوراً كبيراً لتقوم به، «وهي راغبة بالفعل في تأديته». من هنا، تجزم ميرت أن «العلاقة بين تركيا والإخوان المسلمين «أكبر بكثير من تُحصر بالتشابه الديني أو بالدعم اللوجستي أو المالي، لأنها تتعلق بمستقبل سوريا والمنطقة».
وعن الموضوع نفسه، يشير مصدر تركي رسمي رفيع المستوى لـ«الأخبار»، إلى أن الإخوان المسلمين السوريين والقيادة التركية ليسا «حليفين طبيعيّين»، بدليل حادثة جرت قبل اندلاع الأحداث في سوريا منتصف شهر آذار، عندما زار وفد قيادي من «الإخوان» السوريين أنقرة، طلباً لمساعدة الحكومة التركية لإقامة وساطة مع النظام السوري. والنتيجة كانت أن «الوفد المذكور فشل حتى في نيل مواعيد للاجتماع مع الصف الأول من القيادة التركية».
في المقابل، يرى الناشط الحقوقي، الكاتب التركي المقرب جداً من المعارضة السورية، عثمان أتالاي، أنّ اجتماعات المعارضة السورية كانت ناجحة بالفعل، «لأنه في نهاية المطاف، لا يجب أن ننسى أن هذه المؤتمرات تجمع ما بين أناس منعهم النظام من اللقاء لفترة طويلة من الزمن، ومن غير المنطقي أن نتوقع من هؤلاء أن يتمكنوا من الوصول إلى توافق بعد عدد قليل من الاجتماعات والمؤتمرات». وفيما يضيف أتالاي أنّ المعارضين السوريين «بحاجة إلى عدد كبير من اللقاءات»، فإنّه يكشف أنّ الاجتماعات السورية الأربعة التي عُقدت في إسطنبول وفي أنطاليا حصلت بمبادرة وبطلب من المعارضة السورية. أما عن سبب سماح القيادة التركية للمعارضة السورية بالاجتماع على أراضيها، فإنه يوضح أنّ هذا السماح ناتج من معرفة الأتراك بأنه إذا لم توافق أنقرة على حصول الاجتماع في تركيا، فإنهم سيفعلون ذلك في أماكن عديدة متاحة لهم، وخصوصاً في أوروبا. ويرى أن تركيا، لكونها لاعباً إقليمياً فاعلاً في المنطقة، «فإنها ترغب بأن تستغل وضعها في المشاركة في تحديد مستقبل المنطقة». لكن أتالاي، المتحمس جداً للمعارضة السورية، يبدو خائباً من سلوك حكومته لأنها «لا تزال تخشى تحمّل المخاطر، رغم أنك، إن كنت تريد أن تكون قوياً وكبيراً، فعليكَ تحمُّل المخاطر». وعن قراءته للمؤتمرات السورية الأربعة التي عقدت على الأراضي التركية، وأوحت صورتها أن «الإخوان المسلمين» كانوا القوة الغالبة فيها، يعترف أتالاي بأن «الإخوان» لعبوا دوراً كبيراً في جميعها، «غير أنهم لم يهيمنوا عليها، لأن فصائل معارضة أخرى كانت مشاركة بشكل فاعل فيها». وهنا أيضاً، لا يرى أتالاي عيباً في أن يهيمن «الاخوان» على مؤتمرات المعارضة، حتى أنه يبدو كمن يلقي باللائمة على هؤلاء لأنهم «يجدر بهم أن يأخذوا المبادرة».
كلام الناشط التركي المتحمِّس لدعم أنقرة للمعارضة السورية، يقابله حديث أكثر هدوءاً لمسؤول تركي رسمي، فضل عدم الكشف عن هويته في حديث مع «الأخبار»، أشار إلى أن «ليس فقط المعارضة السورية يمكنها أن تجتمع في تركيا، بل أي مجموعة سلمية أخرى يمكنها فعل ذلك». وعن «المرونة» التركية الرسمية إزاء دخول وخروج المعارضين السوريين من وإلى الأراضي التركية، فيذكّر المسؤول بأن شرط تأشيرة الدخول ملغى بين تركيا وسوريا، «لذلك فإن لم تكن هناك مذكرات توقيف من الشرطة الدولية (الانتربول) بحق الداخلين إلى أراضينا، وإن لم تكن زيارات هؤلاء الأشخاص مناقضة لمسؤولياتنا الدولية، وإن لم يكونوا داعين لاستخدام العنف، فلا يمكننا فعل أي شيء معهم». ويختصر المشهد على الشكل التالي: «نحن لا نشجّعهم على عقد مؤتمراتهم عندنا، ولا نمنعهم من فعل ذلك في الوقت نفسه». وتعود «الكبرياء التركية» لتصبغ كلام المسؤول، عندما يلفت إلى أن تركيا هي «الدولة الوحيدة القادرة على إبقاء علاقات جيدة مع جميع الأطراف، مثلما هي الحال عليه في العراق مثلاً، «لأننا لا نحدد سياستنا الخارجية من منطلقات دينية أو مذهبية ولا من معايير تكوين الأحلاف». وعن العلاقة الحالية مع القيادة السورية، يستعين المصدر الرسمي بكلام وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو في طهران، حيث خاطب قيادة الجمهورية الاسلامية بـ«نحن نعيش جنباً إلى جنب في منازل من خشب، فإذا اندلع حريق عندكم، فسيصل إلى منازلنا، ولن يكون عندنا ترف القول إن ذلك شأن داخلي ولا يعنينا».
10 تعليق
التعليقات
-
من المستفيد من اسقاط النظام؟كما قال السيد زياد الرحباني "العقل زينة" اول شيء لتعمل ثورة ع النظام لازم يكون في نظام...و هنا اتسأل عن المستفيد من ثورة تدعو الى اسقاط نظام بدون اي برنامج او حل بديل. من المستفيد من وضع البلد ضمن فترة انتقالية فوضوية بلا اي نظام كالذي حصل بالعراق و يحصل في مصر. الجواب ربما يكون هو كل شخص مستغل و بلا ضمير و طبعا هنا لا اخون الثوار لان من المحتمل ان يكون النظام او اعمدته مستفيدين من اسقاط النظام ايضا. و لذلك نلاحظ بعض التصرفات المحرّضة من قبل طرفي النزاع ان كان من النظام و خاصة الامن و الاعلام غير المدرب او الموثوق به و ان كان من الثوار او المحتجين ممثلا برفضهم كل الاقتراحات او اشكال الحوار و ما تقوم به قنواتهم الداعمة من تحريضات طائفية او مذهبية لا يمكن لها انقاذ سورية. من هنا نلاحظ ان اغلبية الشعب السوري في الوسط لا داعم لهذا و لا لذاك مع الميول نحو النظام لما يؤمنه من امان. اما المعارضة حتى اليوم لم تقم باية خطة او محاولة لانقاذ الوضع غير المطالبة باسقاط النظام و كأن رحيل بشار هو الحل للمشاكل الاقتصادية التي تتفاقم و للحل الامني الذي يتدهور او الحل الضامن لاسترجاع الجولان!!!!!!!
-
مش حضرتكم يا اخبار ومن ورائكممش حضرتكم يا اخبار ومن ورائكم هللتم سابقا لتركيا وقطر وكنا نحذركم دائما ان اعداء لبنان التاريخيين هم العرب والاتراك ولا يمكن الركون اليهم
-
اردوغان وفلسطينماذا قدم الاتراك للقضية الفلسطيمية.. غير المسرحية الهزلية في دافوس عندما انسحب السيد اردوغان من حضرة بيريز. ولكن تبين فيما بعد عندما قدمت تركيا مساعدات في اخماد الحرائق في اسرائيل وهي حركة رمزية لها طابع ظاهره انساتي وكذلك موقف الغدر من الرئيس الأسد واسطول دعم فلسطين هذا العام..ان الاتراك يتاجرون بالاسلام والقضية الفلسطينية لإيجاد اسواق لبضائعهم ليس اكثر.
-
وصلت الغيظ بالقطريين أنوصلت الغيظ بالقطريين أن يسحبوا فارتهم ... أقصد سفارتهم من سورية ... و بالأتراك أن يمتنعوا عن اتمام الزيارة ...العالم يفتقد الى سياسيين حقيقيين ..
-
مدام البيوت من خشب، وأحياناًمدام البيوت من خشب، وأحياناً من قش، يضبوا الأتراك نفسن بقى، ويخلصونا من مهازل المؤتمرات للي عم تصير على أرضهن
-
ليس صحيحاليس صحيحا أن تركيا حددت خياراتها , الصحيح أن أميركا وأوروبا قد حددت لها الخيارات وهي من سيقوم بتغيير هذه الخيارات عندما تقتضي الحاجة , والثمن الذي ستقبضه تركيا هي دخولها في الإتحاد الأوروبي , ولكنها مع ذلك لن تنال هذه المنة , لأن تركيا الإسلامية المخيفة للغرب بشكلها الحالي لن تكون داخل الإتحاد الأوروبي في القريب المنظور
-
رأيتركيا تلعب بالنار ولا شك طالما هي مستمرة بهذه السياسة.تركيا بعد سبعين عام من العلمانية ورغم اسلاميتها الاجتماعية فهي قطعا لا تعرف من هم الاخوان المسلمين.حتى لو رحل نظام البعث رسميا فلا يمكن ولا بأي حال ان يكون للاخوان المسلمين دور في قيادة الدولة.تركيا جاهلة بل هي غشيمة ومدعية وسيثبت المستقبل لتركيا انه تزرع بذور خرابها بتعاونها مع الاخوان المسلمين.
-
الله حاميهايجب ان يفهم الاتراك ان الاخوان لن يحكموا ولن يدخلوا سورية امنيين--هذا البلد لا تحكمه الا الوسطية العاقلة---نحن نصبر على عدوانية تركيا وانشاء الله عندما تزول الغيمة لنا حديث وتصرف اخر
-
الاتراك والاميةستتضح الامور خلال اسبوعين وسيدرك الاتراك ان الاخوان المسلمين كحركة سياسية لا يمكن ان يسمح بها شعب سوريا بغالبيته المطلقة واولهم السنة وبالفعل هم الذين تحركوا وركب المعارضين الركب لحصد الثمار الا انهم جهلوا ان شجرة الاخوان ستصاب باليباس بعد ان يدركوا الا تراك الواقع السوري جيدا ومن يقرا خطأ يرسب في الامتحان ببساطة يطالبون با اسقاط القبضة الا منية ليمسكوها هم من اخراج الناس للتظاهر تحت التهديد واغلاق محلا تهم تحت التهديد والوعيد اليس ذلك قبضة ارهابية
-
مندهش من مدى قصر نظر بل حتىمندهش من مدى قصر نظر بل حتى غباء الساسة والاكاديميين الاتراك . هل يحسبون ثمن فشل مغامرتهم هذه ؟ بلاد الشام بلاد اقليات دينية واتنية وعشائرية لا يمكن لتنظيم مثل الاخوان المسلمين ان يجمهعا ، مهما غير في جلده، مستحيل . انه تنظيم يفرق ولا يجمع في هذه البيئة . واذا تقسمت سوريا ، ستتقسم تركيا والدنيا كلها وهذا ما يراهن عليه الغرب المفلس وعلى حافة الانهيار.