الخيام ــ الأخبار بعد وقف إطلاق النار، تبدّى الانتقام الإسرائيلي من معتقل الخيام، الشاهد الأعظم على جرائم الجيش الإسرائيلي بحق الإنسانيةفبعدما أمعنت طائراته في تدميره منهجياً، على مدى أيام متتالية، لم يبق مما كان قائماً غير زوايا لم تزل تتعلق بأذيالها قضبان الأسر وأعمدة التعذيب الشاهدة باستمرار على ممارساته الخارجة على مبادئ الإنسانية.
لم تعد غرف المعتقل غرفاً، ولا المعتقل معتقلاً. والبناء الفرنسي القديم المحدّث بأبنية مجاورة والذي تعتمره التلة الجنوبية لبلدة الخيام تحوّل إلى أطلال، ولم يبق منه إلا اليسير. فقد صبّ العدو على البلدة جام غاراته الأربعمئة، ونحو أربعة آلاف قذيفة من مختلف الأعيرة.
مارس العدو انتقامه من المعتقل الذي ظل بعد ست سنوات من التحرير شاهداً، يحكي لآلاف الناس والزوّار الذين تقاطروا إليه من مختلف أصقاع الأرض، وكان آخرهم العالم نوام تشومسكي، ليباركوا التحرير، وليستدلوا من خلال المعتقل على ممارسات العدو وهمجيته.
ومن أجل ذلك، أراد أن يغيب هذا المعلم الذي سيظل برغم ما لحق به من دمار كلي ومنهجي شاهداً، هذه المرة، على همجية التدمير التي مارسها بحق الحياة وما عليها في لبنان عامة، والجنوب تحديداً.
بنى الفرنسيون ثكنة الخيام سنة 1933، لتكون مقراً لقواتهم المرابطة في منطقة الجنوب اللبناني، على تل يطل على بلدة الخيام ويشرف بصورة كاملة على منطقة إصبع الجليل في شمال فلسطين من جهة، وعلى مرتفعات الجولان من جهة ثانية.
وكانت بمثابة موقع حصين واستراتيجي يمكن من خلالها السيطرة على الجزء الجنوبي من لبنان، وكذلك من سوريا.
وجاء تصميم الثكنة كإسطبلات للخيول بالأصل، مع بعض قاعات القيادة والإقامة.
ومع استقلال لبنان وجلاء الجيوش الأجنبية عن الأراضي اللبنانية، أخلى الفرنسيون الثكنة ليتسلمها الجيش اللبناني سنة 1943.
وظلّت كذلك حتى آذار سنة 1978، عندما اجتاحت إسرائيل أجزاء واسعة من الجنوب ونفذت مع العصابات التابعة لها عملية تدمير منهجية بحق الخيام بعد تهجير أهلها. تسلمت الثكنة الميليشيات المتعاملة مع إسرائيل.
وبعد اجتياح عام 1982، اعتمدتها مركزاً للتحقيق، ثم معتقلاً بديلاً من معتقل أنصار الذي أقفلته في 4نيسان 1985، تحت اسم «معتقل الخيام»، زجّت فيه الألوف من المعتقلين اللبنانيين والمقاومين الذين تعرضوا فيه لأعتى أساليب التعذيب والقهر، حتى تاريخ تحررهم منه في 23 أيار 2000.