strong> حسن المصطفى
تعرّض الفنان مارسيل خليفة مرةً أخرى لهجوم عنيف، والسبب هذه المرة ليس تناوله نصاً دينياً بل بسبب عرض مسرحي راقص. فبعد سنة ونصف من التحضير، أبصر “مجنون ليلى” النور معلناً عن تجربة جديدة خاضها مارسيل خليفة مع الشاعر البحريني قاسم حداد، وقدّماها خلال افتتاح فاعليات مهرجان “ربيع الثقافة الثاني” في المنامة الذي يستمر حتى 13 نيسان (أبريل).
عرض “مجنون ليلى” يشكّل تجربةً جديدةً لخليفة في التعامل مع نص شعري يتمحور حول “الاحتفاء بالحب والجسد” على حد تعبير الموسيقي اللبناني، وهو مقتبس عن ديوان الشاعر قاسم حداد الذي يحمل العنوان نفسه. استغرق تحضير العمل سنة ونصف، وضمّ مجموعة رقصات يؤديها 30 راقصاً وراقصةً، فيما حمل التصميم الكرويغرافي توقيع نادرة عساف. قدّم العرض على خلفية موسيقية لمارسيل خليفة، فيما حضر الشاعر قاسم حداد من خلال الأداء الشعري بين مقاطع الموسيقى والرقص التعبيري. وشاركت أميمة الخليل في وصلات غنائية وأخرى منغّمة من دون موسيقى.
العرض الذي افتتح “مهرجان ربيع الثقافة الثاني” لم يمرّ مرور الكرام. هناك من لم ترقه هذه الطريقة في “الاحتفاء بالحب والجسد”. هكذا، تتالت ردود الفعل، وتعالت الاحتجاجات على وجود مشاهد إيروتيكية حوّلت المهرجان في رأي بعض النواب وعلى رأسهم النائب الإسلامي محمد خالد إلى “ربيع السخافة”.
وقال النائب خالد: “الثقافة بعيدة كل البعد عما يجري في هذا المهرجان”، مطالباً بفتح تحقيق عاجل ومنصف لمحاسبة القيّمين على المهرجان”، فيما اعترض آخرون على تقديم أعمال وحركات “جنسية تمثيلية” من هذا النوع في “بلد إسلامي محافظ كالبحرين”! هذه التصريحات أثارت حفيظة النقاد الليبراليين في المنامة، فانبروا للدفاع عن العمل في وجه النقد الموجّه إليه. وسرى الهمس في الكواليس عن وجود دعم سياسي قوي للمهرجان، يسمح برهانه على الانفتاح، ما جعل بعضهم يستعيد الدعم الذي حظي به “معرض الرياض الدولي للكتاب” هذا العام، وتميّز باحتضان روايات منعتها الرقابة اللبنانية فضلاً عن الرقابة السعوديّة.
وبمعزل عن الضجة التي أثارها “مجنون ليلى”، فإن العرض الراقص الذي صمّمته نادرة عساف ضمّ الكثير من المقاطع العشوائيّة، بسبب عدم تناسقها وعدم تماسكها في لوحات متصلة. إذ يمكن الاستغناء عن مشهد، أو نقل لوحة من مكان إلى آخر، من دون أن نشعر بأي خلل.
والسؤال هو: إلى أي مدى عبّرت أجساد الراقصين عن دلالات النص الشعري أو الموسيقى؟ أضف إلى ذلك أنّ عدّداً من الوصلات لم تكن فيها حركة الجسد متقنة، فيما بعض الحركات البهلوانية التي قام بتأديتها “قيس” أو سواه، لم تكن تمت بصلة للنص الشعري وللزمن الذي تدور في رحاه الأحداث. أما المشاهد الحميمة فجاءت جرأتها بعيدة عن مستوى العرض، ولذا أخذت شكلا فاقعاً، على رغم عدم خدشها للحياء بالصورة التي سُوِّقت فيها. والملابس كان بعضها منقطع الصلة بقيس وليلى في ألزمان والمكان.
مارسيل بدوره، اجتهد لإنجاح العمل موسيقياً، وقدم نصاً كُتب خصيصاً للعرض، وإن احتوى على مقطوعتين قديمتين من أسطوانته الأخيرة “مداعبة”. لكن هنا أيضاً جاء أداء بعض العازفين دون المستوى، وخصوصاً في العزف المنفرد على الأكورديون، والكمان، فيما أبدعت هالوكا شيوتو في أدائها على آلة التشيلو. أميمة الخليل، كان أداؤها جميلاً كعادتها، في تقديم نصوص قاسم حداد. رافقها في الغناء مارسيل خليفة ويولا كرياكوس، فيما كان قاسم حداد يقرأ نصوصاً من مجموعته “مجنون ليلى” بين الحين والآخر.


الجزائر في القلب

المقالة التي نشرناها بالأمس، بتوقيع اسماعيل طلاي، عن أزمة جديدة في كواليس “الجزائر عاصمة الثقافة العربيّة”، أثارت حفيظة بعض القراء في الجزائر، بسبب حدّة عنوانها: “لعنات الوزيرة تنصبّ على عاصمة الفضائح الثقافيّة”. ويهمّنا أن نؤكّد أوّلاّ أن الزميل طلاي لا علاقة له بالعنوان الذي وضعه التحرير. وثانياً أن القصد لم يكن بتاتاً الإساءة إلى بلد شقيق وعزيز ــــــ وكيف يكون ذلك والجزائر في القلب؟ ــ بل التأكيد بشكل نقدي على تكاثر المشاكل والاستقالات والفضائح في الجهاز الإداري المشرف على تلك التظاهرة الضخمة، وتزايد الانتقادات للسياسة العامة التي حددت طبيعة الأنشطة وأهدافها.