غيّب الموت في دمشق قبل أيام، الموسيقار أمين الخيّاط (1936- 2023)، بعد صراع طويل مع المرض، ليلتحق بكوكبة من الملحنين السوريين الذين وضعوا الأسس المتينة للأغنية السورية أمثال سهيل عرفة، وعبد الفتاح سكر، وشاكر بريخان. لكن الخيّاط شقّ طريقه منفرداً إلى العزف على آلة القانون، مستعيداً شغف الأمسيات التي كانت تجمع كبار الموسيقيين في منزل والده في حيّ العمارة الدمشقي، على مقربة من الجامع الأموي.
أسهم في التأليف الموسيقي لمعظم أعمال المسرح القومي في الستينيات مثل «عرس الدم» لأسعد فضة

هكذا اتجه باكراً لدراسة الموسيقى، فانتسب إلى «معهد الموسيقى الشرقية» في دمشق، قبل أن يصبح عازفاً في فرقة ميشيل عوض. بهذه النبرة الشرقية لآلة القانون، رافق هذا العازف عشرات المطربين الكبار، لافتاً الانتباه إلى موهبة استثنائية، إذ أثنت عليه أم كلثوم أثناء إحدى حفلاتها في دمشق. لاحقاً سيؤسّس «فرقة الأوتار الذهبية»، ثم «فرقة الفجر الموسيقية»، بعدما أقام في إسبانيا مدة سنتين نهل خلالهما من كنوز التراث الأندلسي، وهو ما سينعكس على موسيقاه كملحن. في هذا الباب، سيضع ألحاناً لمعظم المطربين السوريين أمثال صباح فخري، ومصطفى نصري، وسمير حلمي، وفهد بلان، وموفق بهجت، وفؤاد حجازي، ودياب مشهور، وشادي جميل. كما سيرافق «مهرجان الأغنية السورية» في معظم دوراته عازفاً وملحناً وقائداً لفرقته الموسيقية، إذ أطلق أكثر من موهبة شابة.
على المقلب الآخر، أدار أمين الخياط نقابة الفنانين في سوريا ثلاث دورات متتالية، لكن العمل النقابي لم يؤثر على حضوره الآخر. عدا قيادة فرقته الموسيقية، أسهم في إنجاز الموسيقى التصويرية لبعض الأفلام السورية، أبرزها فيلم «خيّاط للسيدات» للمخرج سيف الدين شوكت، كما أسهم في التأليف الموسيقي لمعظم أعمال المسرح القومي في الستينيات مثل «عرس الدم» عن نص للوركا، وإخراج أسعد فضة. من ضفة أخرى، يحمل أرشيف هذا الفنان المتعدد ألحاناً لموشحات دينية، وأغنيات للأطفال.
ستبقى صورة أمين الخيّاط حاضرة في الذهن، وهو يتوسط فرقته الموسيقية على المنصة، يفترش قانونه أمامه، فيما تعاقب عشرات المطربين على هذه الفرقة مثل نور الهدى، ونجاة، ونصري شمس الدين، وصباح، وسميرة توفيق، وهاني شاكر، وشريفة فاضل.