المـوالاة تهـاجم «مسـرح الدمـى المتحـرِّكة» والسـعودية تدعـو إلى التجـاوب مع المبـادرة العربيـة

تتجه المعارضة إلى اتخاذ خطوة تصعيدية نوعية خلال أيام في مواجهة السلطة، من شأنها أن تغيّر مسار الأوضاع، وخصوصاً إذا بقيت آفاق المبادرات مسدودة وفي مقدمها المبادرة العربية التي يقودها الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عمرو موسى الذي تضاربت المعلومات امس عن إمكان اجتماعه في القاهرة مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أو عودته الى بيروت ليُعقد هذا اللقاء بينهما إثر عودة رئيس الحكومة الذي انتقل أمس من الإمارات العربية المتحدة الى قطر التي سيغادرها اليوم الى الأردن في إطار جولته العربية الرامية الى تأمين دعم عربي فاعل لمؤتمر باريس ــــــ3 المقرر عقده في 25 من الجاري.
وقد اعترف مسؤول في قيادة المعارضة بأن تحركها مر في “مرحلة سيولة” سمحت بتوليد مناخ من التراخي ومن القدرة على الإيحاء بأن الاعتصام يراوح مكانه وأن التعبئة تتراجع بدليل ضعف المشاركة الشعبية في الخطوات التي دعا إليها الاتحاد العمالي العام.
وأضاف ان هذه المرحلة انتهت وانها كانت، بمعنى ما، مفيدة لأنها أظهرت ان المعارضة ساعية فعلاً الى إعطاء الفرص للمبادرات الجدية، وانها لا تصم آذانها عن دعوات عربية الى ترك الباب مفتوحاً وانها معنية بعدم عرقلة عقد مؤتمر باريس ــــــ3 ولو أنها تنظر بسلبية شديدة الى البرنامج الذي تقدمت به الحكومة.
وفي معلومات المسؤول المعارض أن مؤشر التحرك سيبدأ بالتصاعد ابتداءً من اليوم أمام وزارة الاقتصاد وأنه سيستمر في هذا المنحى وصولاً الى اجتماع مركزي قريب لقادة المعارضة ستسفر عنه دعوة الى “خطوة تصعيدية نوعية في خلال أيام”، وهي خطوة ستعيد تظهير الموقف وحجم النقمة على السلطة، وتوجه رسائل الى الداخل والخارج مفادها أن الزخم هو على حاله.
وربطت مصادر المعارضة بين هذا التوجه الذي ستتخذه وبين تقديرات تملكها بأن القوى المؤيّدة للسلطة ستقدم بعد انعقاد “باريس ــــــ3” على “هجمة” يكون عنوانها “رفض إضاعة الفرصة المتوافرة للبنان”.
وفيما واصل السنيورة جولته العربية في الخليج كان البارز في التحركات السياسية الداخلية أمس استقبال رئيس مجلس النواب نبيه بري السفيرين السعودي والإيراني عبد العزيز خوجة ومحمد رضا شيباني كلاً على حدة، ودام لقاؤه مع كل منهما ساعة. وفيما أكد شيباني اقتناع إيران “بأن وحدة الصف الداخلي اللبناني هي أفضل سبيل من شأنه أن يساعد لبنان على تخطي الأزمة السياسية التي يعانيها حالياً”، لم يشأ خوجة الإدلاء بأي تصريح.
وإذ امتنعت مصادر الرئيس بري عن الإدلاء بأي معلومات عن لقائه بخوجة وشيباني، علمت “الأخبار” أن الاتصالات تركز على تقريب وجهات النظر وفكفكة العقد بين السلطة والمعارضة حول موضوعي “الحكومة والمحكمة”. وذكرت المعلومات أن السفير خوجة الذي يعقد لقاءات علنية وبعيدة عن الأضواء تمكن من فتح خطوط اتصال بين الطرفين المتنازعين وهو على تواصل مع الامين العام للجامعة العربية انطلاقاً من حرص السعودية على دعم المبادرة العربية ومدها بالأوكسيجين اللازم لتبلغ الاهداف المرجوة منها. وقالت مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات الجارية إن الجانب السعودي يدعم مبادرة موسى لأنه يريد توفير مظلة عربية للحل اللبناني المنشود.
وكان البارز في التطورات أيضاً زيارة السفير الفرنسي برنار إيمييه لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في لقاء هو الأول بينهما بعد قطيعة طويلة، وأجريا خلاله جولة أفق تتعلق بالأوضاع في لبنان والمنطقة، ومؤتمر باريس ــــــ3.
وبعد الاجتماع قال السفير إيمييه: “وضعت العماد عون في صورة تحضيرات المؤتمر وحددت أهميتها بالنسبة إلى لبنان”. ولفت إلى “أهمية البرنامج الإصلاحي المزمع تطبيقه والى أن المجتمع الدولي يتطلع بدقة إلى كيفية تطبيق الجانب اللبناني التزامات، وإلى الشروط التي ستطبق الالتزامات خلالها”. وقال إن “المجتمع الدولي يتحرك لتقديم المساعدة التي يحتاج إليها لبنان وشعبه في هذه الاوقات”.
ووصفت مصادر قريبة من عون اللقاء بأنه “كان إيجابياً”، وأشارت الى أن إيمييه أكد له أن فرنسا “تريد الانفتاح على جميع الاطراف في لبنان”، كذلك أكد “أن الدعم الذي سيقدمه مؤتمر باريس ــــــ3 هو لكل لبنان وليس للحكومة فقط”.
في غضون ذلك هاجمت لجنة المتابعة لقوى 14 آذار بعد اجتماعها أمس ما وصفته بأنه “مسرح الدمى المتحركة، الذي تديره الحركة الانقلابية بقيادة حزب الله، وبقناع الإدارة الحالية للاتحاد العمالي العام”، ورأت أن الغاية منه هي “إلحاق اكبر قدر من الأذى والتشويش” على مؤتمر باريس ــــــ3. وقالت “إن أطراف الحركة الانقلابية مدعوون الى استخلاص العبر من تجربة الاسابيع الماضية والتوصل الى الاستنتاج المنطقي ان التغيير في بلد ديموقراطي له معبر واحد هو مجلس النواب، وان الطريق الاقصر للخروج من المستنقع الحالي هو التجاوب مع المبادرة العربية”.
لبنان بين رايس والفيصل
وإلى ذلك تناولت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ونظيرها السعودي الامير سعود الفيصل الوضع اللبناني في جانب من محادثاتهما في الرياض أمس، وقالت رايس في مؤتمر صحافي مشترك مع الفيصل رداً على سؤال عن الاستقرار في المنطقة في ظل عزل سوريا: “لا أعتقد أننا نعزل سوريا، سلوك سوريا هو الذي يعزلها”. وأضافت: “إن القوى المتطرفة تحصل على دعم من سوريا وخصوصاً في لبنان، لأن القوات السورية خرجت من لبنان نتيجة الضغط الدولي”. وشددت على أن “سوريا لا تتقبل أنها غير موجودة في لبنان، أميركا لا تريد أن تعزل أي دولة وخاصة الذين يعيشون في الديموقراطية”.
من جهته، قال الفيصل “إننا نرحب بمحاولة الامين العام لجامعة الدول العربية لحل المشكلة اللبنانية”. وأضاف: “نتطلع إلى تجاوب الفرقاء في لبنان لأن هذا هو الحل الوحيد” للأزمة القائمة بين فريق الاكثرية والمعارضة. وأضاف رداً على سؤال عن اتخاذ الجانبين السعودي والأميركي خطوات معينة لحل الأزمة في لبنان: “نحن مؤمنون بضرورة مساعدة لبنان لأهداف كثيرة لأن هذا البلد يمثل نموذجاً لتعايش الأطياف والفئات المختلفة، فالحفاظ على استقرار لبنان له مردوده على المنطقة والعالم لأنه يمثل التعايش السلمي”. وأعلن أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ستساهمان في إنجاح مؤتمر “باريس ــــــ3” الهادف إلى مساعدة لبنان على مواجهة ديونه العامة البالغة نحو 41 مليار دولار أميركي. وقال: “إننا نساعد الشرعية اللبنانية (المتمثلة في رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة) للقيام بالواجب لاستقرار المنطقة، كما العراق، لكن القرار النهائي للفرقاء اللبنانيين”. وأضاف “نأمل ألا يكون لبنان ساحة لصراعات تتعلق بقضايا لدول خارجية يكفيها المشاكل الداخلية”، في إشارة ضمنية إلى دعم إيران لحزب الله، “ونأمل أن من يريد للبنان الخير يعمل خيراً أو يكف شره”.