على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

انفضحت كذبة العلمانيّة الفرنسيّة قبل أيّام، إذ احتفل الرئيس الفرنسي بـ «عيد الأنوار» اليهودي عبر إشعال حاخام فرنسا الأكبر، حاييم كورسيا، شمعةً في شمعدان فضّي ثُبّت على منصّة خاصّة في قاعة الأعياد في القصر الرئاسي. تلت ذلك تلاوة أناشيد دينيّة تقليديّة بالعبريّة، وفقاً لما ورد في الصحف. يختم الخبر مسرحيّة ضرورة إصرار الجمهوريّة على فرض العلمانيّة الفرنسيّة على المسلمين، لأنّ ذلك يدخل في تعريف الجمهورية الرسمي. ونذكر كيف أنّ المعلّقين الفرنسيّين، وبعض العرب، شاركوا في حفلة الخداع (وخصوصاً محمد أركون) وقالوا إنّ الدولة الفرنسيّة لا يمكن أن تتحمّل أيّ إخلال بعلمانيّتها الصارمة، لأنّ ذلك من موروثات الثورة الفرنسيّة الغالية، وإنّ على المسلمين الانضواء الفوري في ركب هذه العلمانيّة التي تشكّل صمغ النسيج الاجتماعي الفرنسي. لكنّ الاحتفال اليهودي أثار اعتراضات حتى من الجالية اليهوديّة، واعتبر رئيس المجلس التمثيلي للمؤسّسات اليهوديّة في فرنسا أنّ الاحتفال «يُعدّ خطأً». وربط البعض بين هذا الاحتفال وبين الحظر الأخير على العباءة، حبّاً بالعلمانيّة الفرنسيّة. في الشهرين الماضيَين، تعلّمنا عن الغرب أكثر ممّا كنّا قد سبق أن تعلّمناه في حياتنا. أُزيلت الحُجُب. لم تستطع الدولة الفرنسية أن تتحمّل خماراً أو نقاباً أو حجاباً أو عباءةً، لكنّها لا تمانع إقامة احتفال ديني يهودي في القصر الرئاسي الفرنسي؟ يحقّ هنا ما قاله هشام جعيط في كتابه «أوروبا والإسلام» عن أنّ الغرب كان يضرب المسلمين بعصا العقيدة المسيحيّة، وهو اليوم يضرب المسلمين بعصا العلمانية الفرنسيّة. الهدف هو الإخضاع وفرض الطاعة فقط. العلمانيات الغربيّة لا تضيق بالدين اليهودي وتعبيراته، بل تخاف وتتبرّم فقط من تعبيرات الدين الإسلامي المرتبط عندهم بالإرهاب. تعبير «الإسلام الفاشي» بات من المصطلحات الرائجة التي لو طُبقت اصطلاحاً على اليهوديّة لثارت الدنيا في الغرب. العلمانيّة الفرنسيّة كانت خدعة لقمع المسلمين وكلّما زاد عدد المهاجرين المسلمين وقويت شوكتهم، احتاجت الجمهوريّة إلى أداة غليظة لتأديبهم. ومن هنا جاءت لجنة محمد أركون التي رسمت حدود الطاعة والالتزام لدين واحد فقط في فرنسا.

0 تعليق

التعليقات